في رمضان مشهد يتكرر كل سنة ..

''كل عام وأنتم بخير ومبروك الشهر الكريم على الجميع وتقبل الله صيامكم وقيامكم ...''
لعلّ من أهم ما يغير في وتيرة الأسواق عادة ونشاطها هو المناسبات الزمنية كالأعياد والمواسم الدينية أو حتى المواسم الاجتماعية مثل العطل والسياحة أو الأعراس وهكذا. وفي هذه الأيام نستقبل إطلالة شهر رمضان ذلك الشهر العظيم، حيث موسم العبادات من صلاة وقيام وصدقات وغيرها. وهو بلا منازع مناسبة دينية عظيمة يختلف عن سائر الشهور وتتغير سلوكيات وروتين الناس المعيشية بالذات وبالتالي تتغير تبعاً لها الاقتصاديات الشخصية.
والشهر الكريم هو شهر عظيم يجب أن تفهم معانيه السامية بشكل يتفق وما نعرف عن بعضها لكي نقوم بهذه العبادة مثلما أراد المولى جلّ وعلا. بالطبع لا يمكن أن نسرد معاني هذا الشهر الفضيل فهي أكبر من أن تصاغ في مقال غير أن جزءاً من الجانب الاقتصادي في سلوكيات المجتمع وما نريد أن نلمّح إليه هنا أن الاقتصاد في السلوكيات المعيشية هو واحدة من الرسائل العظيمة التي يحملها هذا الشهر غير أن كثيرا منا لا يستشعر هذه الرسالة بالمعنى الذي تستحقه بل إن ما يحصل هو العكس في سباق محموم من استهلاكات لا يخلو من التبذير والذي في الأصل نهى عنه الشرع في كل شيء. وهذا التغير في النمط الاستهلاكي تستغله ''بمشروعية'' الأسواق والشركات وترعاه بأشكال مختلفة وبأساليب تسويقية متنوعة ليطول كل سلعة وخدمة تقريباً لدرجة السخرية في استغلال مناسبة لبضائع ليس للشهر الكريم أي علاقة بنمط استهلاكها. وفي ذلك الاستغلال للمناسبة نحو زيادة النمط الاستهلاكي لم نستشعر واحداً من معاني الشهر ألا وهو أن نكون مقتصدين في أول مقومات الحياة وهو الأكل والشرب. إن هذه الحمى الاستهلاكية تتكرر كل سنة غير أننا لم نتغير بل إن دائرة البضائع والخدمات التي تحرّض عليها الأسواق والمصنعون تزداد قائمتها سنة بعد أخرى ويقابلها في الوقت ذاته تدن في الوعي الاستهلاكي للمجتمع. إنني أتمنى أن تكون هذه الحمى الاستهلاكية سببها طلب على سلع يشتريها من أنعم الله عليهم ليضعوها في أيدي المعوزين في برامج منظمة غير أن الأمر ليس كذلك على الرغم من وجود بعض منها سواء ما تقوم به جمعيات البر وأوقاف الخير وغيرها أو بعض الجهود الفردية من المحسنين. إن شهر الصيام ليس فقط صياما عن الأكل والشرب بل أكبر وأكثر من ذلك فهو وقفة في شريط الزمن السنوي نحو تفعيل مبادئ سامية كبيرة ينتفع من نتاج تطبيقها شرائح وأعداد من المجتمع كانوا كل السنة محرومين من الانتفاع أو الاستهلاك لتلك البضائع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي