الهيئة غير .. والمملكة غير
الهيئة الملكية تبني وتُنشئ وفق مواصفات عالية الجودة، فعلى سبيل المثال، الطريق المزدوج الذي يقع مقر الهيئة الملكية في ينبع أمامه لم يسبق أن تم حفره لإيصال خدمات البنية التحتية من وقت إنشائه منذ ما يزيد على 30 عاما.
كان هذا جزءا من حديث الدكتور عقيلي خواجي رئيس الهيئة الملكية في ينبع، مستشهدا على ارتفاع معايير ومواصفات التنفيذ والإشراف في جميع مشاريع الهيئة الملكية، وهو ما كفل سلامتها وعدم الحاجة إلى إحداث حفريات لمواجهة الطلب المتزايد على الخدمات؛ إذ يتم التخطيط للاحتياجات المستقبلية قبل الإنشاء ما يضمن إجراء العمل مرة واحدة دون الاضطرار إلى تكراره، ما يسبب هدرا ماليا من جهة وإزعاجا للسكان من جهة أخرى، بعكس ما يجري في باقي المدن والمحافظات؛ إذ يتم إيصال الخدمات متفرقة دون تنسيق بين الجهات الخدمية المتعددة، فيتم شق الطرق ثم يبدأ إيصال الكهرباء لكل وحدة سكنية على حدة مما يتطلب إجراء الحفر بشكل دائم ثم إذا جاء دور إيصال خدمات الصرف الصحي أو تصريف مياه الأمطار أو تخفيض مستوى المياه السطحية، فإن ذلك يعني بقاء طرق الحي في حالة أشبه بعملية القلب المفتوح لسنوات عدة.
وفي برنامجه الرمضاني أجرى الإعلامي أحمد الشقيري تجربة لإفراغ شاحنة مملوءة بالماء في أحد الشوارع في الهيئة الملكية في الجبيل، فجرت المياه بمحاذاة الرصيف حتى وصلت لفتحة تصريف المياه وبعد أقل من ساعة جفت المياه تماما ولم يبق لها أثر.
وقبل بضعة أيام صرح مدير مرور الجبيل العقيد عبد العزيز الغامدي بأن الجبيل لا تعاني فوضى السير وعشوائية الحركة نتيجة ضبط الهيئة الملكية لسيارات الأجرة وعملها من خلال حصر تقديم الخدمة عن طريق الاتصال الهاتفي.
وأنا هنا لست بصدد حصر جهود القائمين على مدينتي الجبيل وينبع الصناعيتين، لكن ما ذكرته من أمثلة يؤكد المستوى المتميز الذي وصلت إليه هاتان المدينتان، وهذا يثير التساؤل: لماذا لا يتوسع ما نشاهده فيهما ليشمل الرياض وجدة والدمام وكل مدن المملكة التي يتكرر حفر شوارعها مرات عدة كل بضع سنين؟ ثم تتحول أماكن الحفر بعد مدة قصيرة إلى منخفضات تتجمع فيها المياه ومطبات تؤدي إلى تهالك السيارات في سنوات استخدامها الأولى.
إن المهندسين الذين يعملون في الهيئة الملكية تخرجوا من الكليات ذاتها التي تخرج فيها أقرانهم الذين يعملون في أمانات وبلديات باقي مدن المملكة، وكذلك الموظفون الذين يعملون في الهيئة الملكية للجبيل وينبع هم أبناء المملكة الذين يعملون في باقي الوزارات والجهات الحكومية في أنحاء المملكة.
إننا في حاجة إلى الاستفادة من الدروس الإدارية المسطرة أمامنا في الجبيل وينبع ونقلها لكل مناطق ومحافظات بلادنا، ومدعوون بألا نقبل بالأقل والأدنى إذا كان بإمكاننا تحقيق الأعلى والأفضل في ضوء النفقات المرتفعة للمشاريع التي تتطلب إعادتها أكثر من مرة بتكاليف تفوق تكاليف إنشائها. ولتكن كل مدننا كمدينتي الجبيل وينبع ما دمنا قادرين على ذلك.