خواطر رمضانية
1 - مشهد ازدحام المساجد بالمصلين في شهر رمضان مشهد يفرح ويسعد، ولكنه في الجانب الآخر يعكس سلبية تتضح في السؤال الذي يتبادر للذهن هنا، وهو: أين كل هذه الجموع من المساجد في غير شهر رمضان؟ هل مستوى الشعور الإيماني يزداد ويرتفع منسوبه في القلوب في هذا الشهر الكريم، وينخفض بعده؟ المشهد العام لحال المساجد الرمضاني واختلافه عن بقية الشهور يشير لذلك، ويشهد أيضا لمدى تأثير رمضان وقيمته الإيمانية والمعنوية، فحين يستطيع هذا الشهر الكريم أن يرفع المعدل الإيماني لهذه الدرجة، فنحن إذن أمام شهر عظيم مؤثر ويحظى بقيمة روحانية كبرى، ومع أنه شهر بهذه القيمة الإيمانية الكبرى، إلا أنه لا يستغل بالفعل لشحن الأنفس بوقود إيماني يستمر طوال أشهر العام، ويبرز أول ما يبرز في رفع معدل المصلين جماعة في المساجد وعودة الحياة إليها كما هي في رمضان، فهذا الشهر الكريم ثبت أنه خير الشهور وأكثرها تأثيرا في حياة الناس.
2 - قبل عدة سنوات كتبت مقالا قبل رمضان وسألت فيه: لماذا لا تصوم محطات التلفزة أيضا؟ وكان سبب هذا السؤال وحتى الآن هو هذا الاندفاع المحموم لكل المحطات التلفزيونية وشركات الإنتاج على عرض وإنتاج كم كبير ومميز من الأعمال الدرامية والكوميدية وبرامج المسابقات وغيرها في شهر رمضان حصريا، بينما لديها أحد عشر شهرا تستطيع توزيع أعمالها عليها، لأن هذا التخصيص يتعارض مع روحانية الشهر الكريم، الذي يتطلب قيامه قراءة القرآن والصلاة وكافة صور التعبد الأخرى، وليس القيام على متابعة المسلسلات والبرامج وفي بعضها ما يجرّح الصيام، وإن كان مطلوبا أن يتواكب الاهتمام الإعلامي مع خصوصية الشهر عن طريق بث أعمال وبرامج ذات طابع مفيد يتوافق مع روحانية الشهر وبأشكال ترفيهية أيضا ولكن ذات مضمون، ليس منها مثلا أن يبث فيه مسلسل يحكي حياة مغنية، فهناك الكثير والكثير من الأحداث والقضايا التي يمكن أن تستوعبها ساعات بث كل الفضائيات مما لها صلة بتاريخنا وواقعنا الإسلامي، ولتقدم من خلالها صورة رمضانية حقيقة.
3 - كم أحزنني وأنا أشاهد تقريرا في القناة السعودية الأولى ظهر يوم السبت الماضي مع شباب حول برنامج يومهم الرمضاني قول بعضهم لمقدم التقرير إنه ينام بعد صلاة الفجر حتى قبل المغرب، وهذا يعني أنه ينام عن صلاتي الظهر والعصر، ولم يستنكر المقدم ذلك ويسأل عن الصلاة، أيضا كنت أتمنى لو أن التقرير قدم شبابا آخر غير شباب ''الكدش''، فمثلما ذهب للأسواق والمقاهي، لماذا لم يذهب لغيرها لمقابلة نماذج أخرى على الأقل لعمل توازن وإظهار كافة الشرائح الشبابية، ومنها الشباب الملتزم دينيا واجتماعيا، فقصر اللقاء على هذه النماذج يعطى الانطباع بأن هؤلاء هم شبابنا مع أنهم يمثلون أقلية، أيضا أحزنني أن بعضهم يقضي ليله، كما قالوا، بالدوران في الشوارع والأسواق بلا هدى، فحتى المحطات التلفزيونية بالرغم من زخم برامجها ومسلسلاتها لا يتابعونها، فأي خواء هذا!