صحوة مراجع قُم بعد قصف مآذن السنة في سورية
شيرازي اعتبر مساندة سورية "الطاغية" ضد شعبها الأعزل واجبا دينيا، باعتبارها دولة مواجهة مع عدو غاصب، ونسي شيرازي وكل من يأتمر بإمرة طهران وقم أن الأسد بات يواجه اليوم شعبه، ولا نعرف اليوم ما هو الموقف من جهة رئيس حركة حماس خالد مشعل الساكن في دمشق سكون الريبة والإقرار بما يجري رغم أن يد النظام قصفت مخيما فلسطينيا في اللاذقية.
> اجتياح قوات الأسد لمدينة اللاذقية وقصفها لمخيم الرمل الفلسطيني، يضاعف من أزمة النظام السوري، والغريب والعجيب في هذا الاجتياح أن حركة حماس وقادتها في دمشق ممثلة بخالد مشعل، لم ينبس بشفة، كيف وقد أفتى آية الله العظمى ناصر مكارم شيرازي من قم بضرورة دعم الاستقرار في سورية من أجل إفشال المخططات الإجرامية التي تقوم بها أمريكا وإسرائيل في المنطقة.
بيان شيرازي الذي نشر الصادر من قم والذي أكد فيه خصوصية سورية، يؤكد بما لا يدع مجالا للتخمين أن نظام الأسد بات يحتضر، لكنه احتضار قد يطول حتى يحصد شعبه كالعشب في حال تأخر التحرك والضغط الدولي على دمشق.
شيرازي اعتبر مساندة سورية "الطاغية" ضد شعبها الأعزل واجبا دينيا، باعتبارها دولة مواجهة مع عدو غاصب، ونسي شيرازي وكل من يأتمر بإمرة طهران وقم أن الأسد بات يواجه اليوم شعبه، ولا نعرف اليوم ما هو الموقف من جهة رئيس حركة حماس خالد مشعل الساكن في دمشق سكون الريبة والإقرار بما يجري رغم أن يد النظام قصفت مخيما فلسطينيا في اللاذقية.
الغزل على أسطوانة الممانعة والمقاومة في وصف نظام الأسد لم يعد ينفع كثيرا، والقول بأن سورية تقاوم النفوذ الأمريكي والبريطاني والفرنسي في منطقة الشرق الأوسط لأنها تدعم إسرائيل هو محض أحجية، فنظام الأسد كان الأكثر التزاما في تأمين حدود إسرائيل وحفظ الأمن عليها.
في ظل هذا الحماس الإيراني وغيره من قبل أنصار الأسد يبدو أن الخناق يضيق على أفق الحل في سورية، فالأسد يقترب من النهايات الموجعة، وهو وإن امتلك قوة البطش ومع أن البطش قد يكون جزءا من مسلسل السقوط المتوالي لرموز الاستبداد، فإن أوراق النهاية ما زالت لم تحضر كاملة حتى الآن، إذ لم يتمكن المحتجون السوريون من إسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد؛ رغم أنهم على مواجهة مفتوحة معه، وذلك يرجع بشكلٍ كبير إلى ما يُمارسه النظام من قمع تجاه المواطنين، وتعريض حياتهم للخطر، وإرهابهم بالتعذيب أو السجن مدى الحياة، الأمر الذي قد يزعزع عزم أكثرهم تصميمًا وشجاعة.
ميزان الثورة السورية غير واضح لحد الآن ومشكلة السوريين العزل ليست في مواجهتهم نظاما لا إنسانيا وحسب، كما أن القمع الذي يُمارسه النظام السوري لم يكن السبب الوحيد الذي جعل المتظاهرين يعانون بين الفينة والأخرى من انتكاسات متوالية، فالنظام يبدو أنه قادر ليس على تتبع معارضيه السياسيين فقط، بل إن يده تطول أي مخالف له ولو كان طفلا يشدو بصوته في شوارع دمشق.
هذه القدرة على تتبع الناس واقتناصهم وسجنهم وسحلهم وقطع حناجر "الهتيفة والمنشدين" من أمثال القالوش، تصيب الناس بالخوف وتسقط عنهم التكليف وتجعلهم على موعد مع المصير المجهول وهو ما يؤخر بالمبادرة الفردية لأجل مقاومة نظام من هذا النوع، وهنا يمكن القول إن هناك عدة عوامل أخرى قد تكون أسهمت بشكل أو بآخر في تأخر سقوط الأسد، حتى الآن، أو قد تعرقل ذلك السقوط في الأيام المقبلة، ومنها:
1. ضعف المعارضة وانقسامها: وقد تكون المعارضة السورية بدأت تتعلم كيف تنظم صفوفها بشكل أكثر فعالية، سواء في تركيا أو أوروبا، بما يمكنها من إرسال رسالة سياسية أكثر تماسكا للعالم، إلا أن هذه الجهود متعددة الأبعاد ما زالت متواضعة للغاية. حتى إن لقاء الخارجية الأمريكية معهم تأخر لوقت قريب، وهذا معناه أن وزنهم التفاوضي كان تقديره متواضعا. لذلك وبسبب هذا الضعف وعدم التنظيم بشكل دقيق فمن غير المرجح أن تنجح المعارضة قريبا في إسقاط نظام الأسد، إذا لم تستطع جذب المزيد من الأنصار والمتظاهرين وبخاصة من رجال الأعمال السنة الأكثر تأثيرا أو النخبة الدينية التقليدية من رجال الدين وشيوخ الطرق الصوفية، وهنا تظل مسألة توحيد صفوف المعارضة هي التحدي الأكبر، كما إن الكتلة البشرية في دمشق وحلب إلى الآن ما زالت بطيئة التأثير.
2. التمرد المسلح منذ بداية الثورة. استطاع الشعب السوري أن يكتسب تعاطف وإعجاب المجتمع الدولي؛ لأنه ملتزم بالتظاهر السلمي رغم ما يواجهه، وهذا أمر لافت. إلا أن هناك سؤالا لا يزال مطروحا، وهو: إلى متى ستظل هذه المعارضة متمسكة بهذا النهج السلمي؟ وهل من الممكن أن تفرز المواجهة، التي طالت مع النظام، شعورا بخيبة الأمل واليأس لدى المحتجين، ومن ثم قد تدفعهم لاستخدام العنف والسلاح؟
ووقتئذ، أي عندما تنتكس الاحتجاجات السلمية وتتحول إلى تمرد مسلح كامل أو إذا حاول متشددون من الخارج أو الداخل اختطاف ثورة المحتجين السلمية، فهذا من شأنه أن يُلحق بالغ الضرر بالمعارضة، كما أنه سيقلل من فرص التوصل إلى نتائج إيجابية تصب في صالح إنجاح هذه الثورة.
3. جماعة "الإخوان المسلمون": برغم أن جماعة الإخوان المسلمين تمتلك رصيدا ضخما من معارضة النظام السوري، والتصدي لممارساته، والتعرض لويلاته، فإنهم في الوقت الحالي سيمثلون عبئا على المحتجين إذا ما تصدروا المشهد وظهروا كقادة؛ وذلك لأن الغرب لا يزال لديه مخاوف جدية حول جماعة الإخوان المسلمين. وعليه ينبغي على الإخوان عدم قيادة المظاهرات والاحتجاجات حتى لا يتضاءل دعم المجتمع الدولي للمتظاهرين.
4. الحوار مع النظام: انقسم سوريو الداخل بين قابل ومعارض للحوار مع النظام وتباينت مواقفهم باتجاه الحوار أو عدمه، لكن السوريين برغم يقينهم بأن الحوار تأخر ولن يقدم كثيرا إلا أن النظام أمام حلفائه وأنصاره يستخدم الدعوة للحوار على أنها ذريعة للإبقاء على حضوره بين الأوساط البسيطة غير المسيسة أو المنتفعة منه.
وبرغم أن غالبية المحتجين السوريين رفضوا مبادرات الأسد الحوارية، إلا أن بعض الأطراف الأخرى تم إقناعهم أو إغراؤهم لقبول العرض. وإذا كان الحال هكذا، فإن المعارضة السورية تواجه مأزق عدم وجود شخصيات ذات حضور دولي كبير على عكس المعارضات العربية أو الوجوه الإصلاحية في مصر وتونس وحتى اليمن.
5. التدخل الخارجي: تاريخ سورية الحديث مبني على تدخلها بالحوار وارتباطها بأطراف الصراع الدولي على النفوذ في المنطقة، فهي حليف قديم لروسيا وهي جزء من محور طهران دمشق، وعلى ذلك بنت خيارها ورسمت دورها في المنطقة ومنحت نفسها حق التدخل بالجوار في الأردن ولبنان في حقب تاريخية مختلفة، فيما لا تقبل دمشق أن يكون لجارها أي رأي بمصائرها.
في الراهن السوري الضغط من الجار التركي يمكن أن يمثل عنصر الحسم في أزمة سورية الراهنة، وبرغم توجيه أنقرة تحذيرات مباشرة لدمشق إلا أن هذه التحذيرات التي قوبلت بوعود سابقة بإنهاء العنف ستجعل النظام السوري يزداد عنتا كون دمشق لا تقبل أن تسمع نصحا من أحد غير طهران التي وثقت علاقتها معها عبر تحالف يتجاوز السياسة إلى الدين وما تصريحات آية الله العظمى ناصر مكارم شيرازي التي تطلب مساندة سورية وتجعل المساندة واجبا دينيا إلا خير دليل على ذلك، ففي الوقت الذي تأن فيه دمشق يصحو ضمير أئمة قُم على صور هدم بشار الأسد لمآذن مساجد السنة في سورية.