الزكاة: المؤمن مصدق وحسابه على الله

ونحن في هذه الأيام الفضيلة من شهر رمضان المبارك يتسابق الناس لفعل الخيرات طلبا للأجر والمثوبة من المولى سبحانه وتعالى ويحرص كثير من المسلمين على إخراج زكاة أموالهم في مثل هذه الأيام لمضاعفة الأجر ولا يخالجني أدنى شك بأن دافع الزكاة يحرص على إخراج الزكاة كاملة دون نقصان لأن المعاملة هنا معاملة مباشرة مع المولى سبحانه وتعالى. فيحرص دافع الزكاة على الالتزام بما نص عليه الشرع من أحكام لإخراج زكاة المال. فيعطي الزكاة مستحقيها من أصحاب الأسهم الثمانية عملا لأمر المولى سبحانه وتعالى في محكم تنزيله. وتقوم مصلحة الزكاة والدخل بجباية زكاة عروض التجارة من المنشآت بالمملكة العربية السعودية ممن تنطبق عليهم شروط وجوب الزكاة الشرعية وذلك باحتسابها وفقا للقواعد التي وضعتها المصلحة. ويقوم دافع الزكاة (المكلف) بتقديم إقراره الزكوي المتضمن بنود الوعاء الزكوي ودفع ما عليه من زكاة للمصلحة التي تقوم بدورها بدراسة الإقرار من وجهة نظرها وتجرى عادة بعض التعديلات عليه من خلال إضافة أو خصم بعض بنود الوعاء الزكوي، وهذا في حد ذاته أمر جيد في حال أن المكلف يكون قد أغفل أحد العناصر المكونة للوعاء الزكوي إضافة أو خصماً. إلا أن تحفظي يكمن بأن المصلحة تقوم أحياناً برفض بعض المصروفات الفعلية وذلك قياساً بما نص عليه نظام الضريبة السعودي، ومن ذلك على سبيل المثال مصروفات الضيافة والترفيه والتي ترفضها المصلحة تماماً، ولا تقبل بها كمصروفات جائزة الحسم، كما أن المصلحة تجتهد في توسيع قاعدة المصروفات غير الجائزة بدون ضابط واضح ينسجم ويتوافق مع الأحكام الشرعية المتعلقة بالزكاة. لذا يحق لنا أن نسأل: هل ما تقوم به المصلحة من حرمان للمكلف من حقه في خصم مصروفات دفعت فعلياً خلال العام إجراء صحيح يستند على مبرر شرعي؟! لذا فإن من المناسب أن تقوم المصلحة بدراسة هذا الأمر من خلال اللجان الشرعية المختصة وأخذ رأيها الشرعي بما يحقق العدالة للمصلحة والمكلف.
ووفقاً للإجراء المتبع لدى المصلحة، فإنها تقوم بجباية كامل مبلغ الزكاة من المكلف دون إعطاء مساحة له للتصرف في زكاة ماله بإخراجها أو جزء منها لمستحقيها من ذوي القربى أو ممن يعلم المكلف بأحقيتهم للزكاة الشرعية من غيرهم، فلماذا لا تتم دراسة هذا الأمر من قبل المسؤولين بحيث يتم وضع آلية تعطي الحق للمكلف بإخراج نسبة معينة من زكاة ماله بمعرفته وتحت إشراف المصلحة ووفقاً للضوابط التي تحددها؟ وقد كانت المصلحة سابقاً تقوم بجباية نصف مبلغ الزكاة، والنصف الآخر يتم إخراجه بواسطة المكلف. وتجدر الإشارة إلى أن جهات جباية الزكاة في بعض الدول الإسلامية تقوم بجباية نسبة معينة من الزكاة المستحقة وتترك الباقي لصاحب المال للتصرف فيه بمعرفته وتحت مسؤوليته وبما يتوافق مع أحكام الشريعة السمحة دون تفصيل أو تفسير، فالمؤمن مصدق وحسابه على الله.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي