ماذا أطلب في تلك الليلة؟

تلك الليلة الباهرة الثواب، حين تكتسي الأجواء بنسمات هادئة من السكينة، ويهرع الكل مادا يديه للسماء ينهل في دعائه من خزائن الرزاق.
يقول العلماء: "إن من علاماتها زيادة النور في تلك الليلة، وهو أمر لن يلاحظه إلا من كان في البر بعيدا عن الأنوار، وأن المرء يجد راحة وطمأنينة وانشراح صدر في تلك الليلة عن بقية الليالي، كما يجد في القيام لذة أكثر مما في غيرها، والرياح تكون فيها ساكنة، أي لا تأتي فيها عواصف أو قواصف، بل يكون الجو مناسبا، والبعض يكرمه الله فيريه الليلة في المنام، كما حصل لبعض الصحابة - رضي الله عنهم.
ذات شرف عظيم، ليلة الحكم والتدبير والقضاء، وفيها يفرق كل أمر حكيم ويقدر فيها ما يكون في تلك السنة، وهي خير من ألف شهر، تنزل الملائكة فيها إلى الأرض بالخير والبركة والرحمة والمغفرة، وتكثر فيها السلامة من العذاب ولا يخلص الشيطان فيها إلى ما كان يخلص في غيرها؛ فهي سلام كلها، وينال قائمها أجرها وإن لم يعلم بها، من حرمها فقد حرم الخير كله، ولا يحرم خيرها إلا محروم.
ماذا أطلب في تلك الليلة ومن أي الكنوز أغترف؟
كرمه كبير وخزائنه لا تعرف حدودا وأنا عبدة فقيرة ضعيفة محتاجة لكل ما يجود به.
أرى صورا عن أطفال الصومال وهم يتضورون جوعا وعطشا وتشردا وأمهات مكلومات لا يجدن ملاذا لصغارهن، ثم أتلفت فأرى صغاري يلعبون ويأكلون وينامون بأمان فأتضرع إليه بقلب وجل أن يديم علينا نعمه وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.
تطالعنا نشرات الأخبار بتقارير عن مظاهرات واعتقالات واختطاف في أنحاء شتى من عالمنا العربي، فأرتجف قلقا وأفر إلى سجادتي لألح في دعائي أن ينصر المستضعفين في كل مكان وأن يديم الأمن والأمان على بلادنا ويجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن.
أذهب لزيارة قريبة لي في أحد المستشفيات فأسمع صراخا وأنينا وبكاءً ينبعث من غرف شتى فأكرر في قلبي "اللهم إني أسألك العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدنيا والآخرة".
وأستعين بنصيحة الرسول - عليه الصلاة والسلام - حين سألته السيدة عائشة رضي الله عنها:
يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ عَلِمْتُ أَيُّ لَيْلَةٍ لَيْلَةُ الْقَدْرِ مَا أَقُولُ فِيهَا؟، قَالَ: "قُولِي: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ كَرِيمٌ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي".
اللهم اجعلنا ممن وفق لقيام ليلة القدر، فأجزلت له المثوبة والأجر، وغفرت له الزلل والوزر، اللهم اغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا وما أعلنا وما أسررنا، وما أنت أعلم به منا برحمتك يا عزيز يا غفار.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي