سينما السعوديين
داعبني أحد الزملاء المقيمين قائلا ''مبروك عليكم السينما''، فقلت له ''لم أسمع بشيء مثل هذا، فعلى الرغم من وجود محاولات منذ أكثر من 30 عاما لإعادة فتح دور العرض السينمائية إلا أنها لم تنجح حتى الآن''، فقال لي ''كلا، فالسعوديون اليوم يمكنهم أن يرتادوا هذه السينما في أي وقت؛ فهي لا تحتاج إلى شباك تذاكر ولا تحتاج إلى سفر للدول المجاورة مثل البحرين أو الأردن أو الإمارات ولا تحتاج إلى موافقة مسبقة من جهات رسمية ولا يعرض ما فيها على مقص رقيب، كما أنها ليست مخصصة للأفلام الوثائقية أو العلمية، ولا تحتاج إلى الاشتراك في قنوات فضائية مشفرة''.
ببساطة شديدة كان كل ما سبق يتحدث عن ''يوتيوب''، الذي أصبح بالفعل أشبه ما يكون بسينما السعوديين؛ فنظرا لعدم وجود دور عرض للسينما ولعدم إمكانية فئات المجتمع كافة من السفر للخارج لمشاهدة السينما فقد أسهمت التقنية في أن يتم عرض الأفلام من خلال ''يوتيوب''، وكثير منا قد سمع عن فيلم ''مونوبلي''، الذي يعرض قصة بعض الشباب الذين يعانون أزمة السكن، حيث وصل عدد المشاهدين لذلك الفيلم مئات الآلاف في الساعات الأولى من طرح الفيلم على ''يوتيوب''.
ولعل الإقبال الكبير الذي حظي به هذا الفيلم، وكذلك ما يعرض من أفلام أخرى على ''يوتيوب'' تعرض بعض المشاكل الاجتماعية يعيد للساحة طرح فكرة إعادة فتح دور للسينما تحت إشراف جهات رسمية ومراقبة ما يعرض فيها مثل ما يتم مراقبة ما يعرض في القنوات التلفزيونية السعودية.
وقد كشف استبيان نشرت نتائجه في إحدى الصحف الإلكترونية الشهر الماضي، عن أن 90 في المائة من المجتمع السعودي بمختلف فئاتهم العمرية يوافق على تأسيس دور سينمائية تعرض أفلاما مختلفة تناقش قضايانا الواقعية وتناسب عاداتنا وقيمنا ولا تتعارض مع ضوابط الشريعة الإسلامية.
ومن غير الواضح حتى الآن الأسباب الجوهرية التي تمنع فتح دور للسينما، خصوصا إذا تم وضع ضوابط واضحة لها، فما يعرض في تلك الدور سيكون تحت إشراف ومتابعة جهات رقابية وأفضل مما يعرض اليوم في بعض القنوات الفضائية المفتوحة والتي يحتوي كثير منها على مشاهد لا تتفق مع ديننا وعاداتنا وتقاليدنا.
من جانب آخر، فإن وجود مثل هذه الدور سيسهم في وجود محضن للشباب يقضون فيه وقتا ممتعا بدلا من التسكع في الطرقات أو الانشغال بقضايا أخرى مشبوهة، كما أن المردود الاقتصادي لمثل هذه الدور سيسهم في توفير فرص عمل، وكذلك فتح مشاريع استثمارية، فالإنفاق السياحي على البحرين قفز من 2.2 مليار ريال في عام 2000م إلى 5,8مليار ريال في عام 2010م.
نحن نشتكي اليوم من فراغ الشباب وما يؤدي إليه هذا الفراغ من مشاكل كبيرة، ونبحث لهم عن أماكن تسهم في تثقيفهم وتوعيتهم، وأعتقد أن دور العرض السينمائية هي أحد الأماكن التي يمكن أن تسهم في أن يقضي الشباب وقتا مفيدا لهم بضوابط وشروط واضحة.