في يوم الوطن.. كأنني لا أستطيع الكتابة!
في يوم الوطن، يترجّل النبض عن آخره، ويولم الحب، وتهيم الأقلام على الصفحات، تزهو بقطوفها الدانية.
في يوم الوطن، أرقب مهارة الحروف بشغف، وأرصد عشق أهله بامتياز.. وحده قلمي يقف متلعثمًا، لا يقوى على تدوين لهفي، ولا يستطيع رسم خفقاتي في كلمات. ما الذي يستطيعه هذا الرشيق وهو يعبر قصة الوطن، وقصيدة القيادة، وخاطرة الأهل؟ ما الذي يستطيعه قلم واحد يجري على صفحة بحجم الوطن، سطورها شرايين أهلها، تتوازى وتتوالى بالقاني، وبياضها وشم الأيادي البيضاء التي وحدت ثراها منذ أكثر من قرن، ونذرتها قبلة لجميع القرون؟
ماذا سأكتب في يوم الوطن، وأنا - كغيري ممن أرهقهم هواهم - أوقن بأن اللغة التي أعرف، لا يمكنها أن تبدع جهة خامسة أمتاز بها عن غيري، فتأتي فيها حروفي لا شمالية ولا جنوبية.. لا شرقية ولا غربية؟ لكأنني بحاجة إلى لغة تتهادن مع غير العادي، لتعبر بجنون عشقي إلى عنوان لطالما ؟؟؟؟؟ تشهته الخطى، منذ شق سيدنا آدم - عليه السلام - طريقه من جنته إلى عنوان اسمه الأرض، كانت منذ الأزل بحجم هذا الوطن!
في يوم الوطن، لن أكتب عن الإنجازات لخادم الحرمين الشريفين، حتى لو كانت بحجم التوسعة التاريخية للحرم الشريف، أو بمثل معجزة جامعة الأميرة نورة، أو في هيئة إكليل الإنجازات: جامعة الملك عبد الله بن عبد العزيز للعلوم والتقنية.. لن أكتب عن هذا، لا لأن غيري سيأتي عليه، ولكن لأنني أخشى أن تفوتني إنجازات أخرى.. وما أكثرها!
وهل أكتب عن خادم الحرمين الشريفين، وما أنا بقادر على وصف حكمته، ورؤيته، ورشد قيادته؟ أم هل أكتب عن هذا الإبداع في الانتماء لهؤلاء الأهل، الذين خلص كل قلب منهم إلى الله نجيّا أن يديم عليهم نعمة المحبة والولاء والانتماء؟
كأنني لا أستطيع الكتابة! يراودني خوف من الإبحار في هذا اليوم، ويسرقني من سطوري تردّد يوجع ريشتي، ويقطع أنفاس مدادي.. لن أكتب في كل هذا، لأن الأبراج والمباني والسدود والجسور والطرقات لا تتقن لغة الخلود. لا بدّ لي إذًا من الدخول إلى الخلود عينه بحروفي.. إلى حيث الأبوة الحانية، والإنسانية الوافرة، والحكمة الوافية.. لا بد من الكتابة في عبد الله بن عبد العزيز الوالد والإنسان، والقائد الذي بنى للقيادة منهجًا جديدًا كفيلاً بتخليد الخالدين. قوامه الموقف، ومتنه المحبة، وغايته الإصلاح..
ليتني أستطيع في يوم الوطن أن أنظم قصيدة واحدة، في رجل واحد، الإنسانية قدره، والمحبة عنوانه، حين يتحدث إلينا، تصغي له الأفئدة، وحين نتحدث معه، تلهج باسمه الألسنة، وحين نكتب له، نجزم بأننا نكتب بمداد الشرايين.