تمديد حظر تداول المؤسسين لـ «إعمار المدينة الاقتصادية»

يوم الجمعة الماضي الموافق 7 تشرين الأول (أكتوبر) 2011 كان يومًا تاريخيًا لمؤسسي شركة إعمار المدينة الاقتصادية، ففي ذلك التاريخ انتهت فترة حظر تداول أسهم الملاك المؤسسين لشركة إعمار المدينة الاقتصادية، وهي الشركة التي تطور مدينة الملك عبد الله الاقتصادية في مدينة رابغ، وذلك بعد مرور خمس سنوات من بداية التداول على السهم في السوق السعودية، الذي تم بتاريخ 7 تشرين الأول (أكتوبر) 2006، حيث فرضت هيئة السوق المالية السعودية على المساهمين المؤسسين لشركة إعمار ـــ حسب نشرة الإصدار ـــ حظر بيع أسهمهم مدة لا تقل عن خمس سنوات بدأت من تاريخ تداول الأسهم.
ومن ثَمَّ يحق للجهات المؤسسة التي تمتلك 70 في المائة من رأسمال الشركة عند التأسيس (595 مليون سهم)، ابتداء من السبت الماضي الموافق 8 تشرين الأول (أكتوبر)، بيع أسهمها من خلال السوق، وهذا بعد إخطار هيئة السوق المالية بذلك والحصول على موافقتها أولاً، إذ إن انتهاء المدة الزمنية المحددة للحظر لا يعني بالضرورة رفع حظر التداول عن أسهم المؤسسين تلقائيًا.
وكانت الشركة قد طرحت 30 في المائة من أسهمها للاكتتاب العام (255 مليون سهم) للمواطنين، ما بين تموز (يوليو) وآب (أغسطس) 2006 بسعر عشرة ريالات للسهم الواحد.
وكانت الشركة مثيرة للجدل بجميع المقاييس، ابتداء من إعلان تأسيسها، الذي لم يكن له أي سابق إنذار، ولضخامة مشروعها ومساحة الأراضي التي تتملكها، وللمبالغة في تقييم سعر الأرض التي استحوذت عليها الشركة، ثم من خلال سير أعمالها على أرض الواقع، التي اتسمت بالكثير من التصريحات والقليل من الإنجازات، والأهم من ذلك كله للمتداولين هو ما شهده سهم الشركة من تراجع شديد منذ إدراجه في السوق، وكان يمثل حالة استثنائية في هذا الاتجاه لشركة تم الاكتتاب لسهمها في السوق بقيمته الاسمية (عشرة ريالات)، بينما تم تداوله في اليوم الأول من الإدراج عند سعر 50 ريالاً كأعلى مستوى له حتى الآن، حتى سجل أدنى مستوى له بتاريخ 2 آذار (مارس) 2011 عند 5.55 ريال، ويتداول سهم ''إعمار المدينة الاقتصادية'' حاليًا عند سعر 6.40 ريال متراجعًا بنسبة قدرها 36 في المائة، مقارنة بسعر الإدراج، كما أن الشركة ظلت تحقق خسائر طوال عمرها حتى نهاية العام المالي 2010.
ما قامت به هيئة سوق المال آنذاك لشركة إعمار المدينة الاقتصادية من حظر لتداول أسهم المؤسسين اتضحت فوائده خلال السنوات التالية، فقد كان من الطبيعي أن يتحمل المؤسسون تبعات تأسيس شركات عالية المخاطر لم تتم دراستها الاقتصادية بشكل مقنع، يضاف إلى ذلك أن الملاك قدموا حصصًا عينية (كعقارات قدرت بمليارات الريالات) أثارت الكثير من الجدل حول آلية التقييم وعدالته في ذلك التاريخ.
ما حدث من خسائر متراكمة وهبوط في سعر سهم ''إعمار المدينة الاقتصادية'' الذي ما زال مستمرًا يثير تساؤلات عدة حول انتهاء فترة الحظر على تداول أسهم المؤسسين، حيث ما زالت الظروف السلبية مستمرة، ولا يوجد ما يبرر إنهاء الحظر القائم على أسهم المؤسسين، وأقترح ألا يتم السماح بالتداول إلا بعد تحقق ثلاثة شروط، الأول: انتهاء الخسائر المتراكمة وتحقيق معدل إيجابي لحقوق الملاك، الثاني: تحقيق الشركة أرباحًا صافية وتشغيلية لثلاث سنوات متتالية، الثالث: زيادة سعر السهم في السوق عن السهم الذي تم الاكتتاب فيه وقت الإدراج.
ما قيل ويقال عن ''إعمار المدينة الاقتصادية'' يقال مثله وأكثر حول كثير من الشركات التي تم إدراجها بعلاوة إصدار، حيث كان ولا يزال الحديث عن علاوة الإصدار مثيرًا لكثير من الشجون ومستحضرًا لسيول من الدموع للعديد من المكتتبين والمتداولين في الكثير من الشركات المدرجة، حيث يحق لكثير من مؤسسي هذه الشركات بيع أسهمهم بمجرد مرور فترة الحظر التي تبلغ في أكثر الحالات ستة أشهر فقط، وهذا ما حصل في العديد من الشركات الورقية التي انخفضت أسعار أسهمها السوقية إلى أرقام قياسية مقارنة بسعرها عند الاكتتاب.
وأقترح أن يطبق حظر مشابه على أسهم المؤسسين لأي شركة جديدة تدرج في السوق لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات، ويستمر الحظر عند وجود أي خسائر متراكمة أو عند انخفاض القيمة السوقية للسهم عن قيمته التي تم الاكتتاب بموجبها، كما يشترط لفك الحظر تحقيق الشركة أرباحًا صافية وتشغيلية لثلاث سنوات متتالية.
إن ما حدث لشركة إعمار المدينة الاقتصادية وشركات أخرى تم إدراجها بعد التأسيس مباشرة، ومن دون أي خبرات تاريخية أو سجل من التشغيل، التي انتهت جميعها بخسائر متراكمة، وانخفاضات متلاحقة في قيمة السهم سوقيًا، يؤكد أهمية عدم إدراج أي شركات جديدة إلا بعد التحقق من جدواها الاقتصادية أولاً، والتحقق من ممارستها أنشطتها التشغيلية ونجاحها على أرض الواقع قبل الطرح للعامة والإدراج والاكتتاب العام، ومن ثم طرحها فيما بعد بعلاوات إصدار عادلة وحظر أطول على أسهم المؤسسين.
هذا التطبيق على ''إعمار المدينة الاقتصادية'' وعلى الشركات المدرجة الجديدة، أو التي ستدرج لاحقًا، فيه رسالة واضحة للمستثمرين بالترحيب بالاستثمار طويل الأجل، وبالاستثمار الحقيقي المبني على نجاحات فعلية، وإيذان بانتهاء منهجية الاستثمارية ''اضرب واهرب''.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي