أصدق لغة في العالم
كثيراً ما أشعر أن من الأولى على المسؤولين أن يلتزموا الصمت وأن يبعدوا عن مختلف وسائل الإعلام ويركزوا على العمل وتحقيق النتائج والإنجاز، وإن كان هناك من ضرورة وحاجة إلى التواصل الإعلامي فليكن ذلك التواصل من خلال إبراز النتائج وإبداء وجهات نظر المستفيدين من المشاريع التي تم إنجازها ورأيهم في ذلك وانطباعاتهم عما وجدوه، بدلاً من عرض رأي المسؤول الذي بلا شك سيشيد بذلك الإنجاز ولن يذكر أي رأي سلبي تجاهه.
في اعتقادي أن البريق الإعلامي يسهم في كثير من الأحيان في إفساد كثير من المشاريع التنموية، إذ إن بعض الجهات الإعلامية تحرص في الدرجة الأولى على التركيز على المسؤول الإداري أكثر من التركيز على المشاريع والأنشطة المسؤول عنها، فترى البروز الإعلامي يركز على شخصية ذلك المسؤول وحركته وتنقلاته وأسلوب عمله ولا يركز على المشاريع التي تقع تحت مسؤوليته ولا ما تم بشأنها أو ما مستوى الإنجاز فيها.
يجب على الجهات الإعلامية أن تكون لها وقفة في هذا الأمر وأن تضع حداً فاصلاً بين تلميع وإبراز المسؤول وبين إبراز الإنجازات والنتائج التي تتحقق، بل يجب عليها أن ترفض نشر ما يتعلق بشخصيات المسؤولين وتركز بشكل مباشر على إنجازاتهم، فالناس لا تهتم بشخصية المسؤول بقدر اهتمامها بما تم إنجازه من مشاريع وما تم تحقيقه من نتائج تعود عليهم بالنفع والفائدة وتسهم في توفير معيشة كريمة لهم.
إن لغة الإنجاز اليوم تعتبر أصدق لغة في العالم، فمهما تحدث المسؤولون ومهما حرصوا على تصدر وسائل الإعلام ومهما أطلقوا التصريحات الصحفية والإعلامية ومهما قاموا بمقابلات وبرامج وثائقية فكل ذلك لن يجعل لهم في قلوب الناس ذرة مصداقية إذا لم يجد الناس إنجازات تعضد ذلك البروز على أرض الواقع.
إن جميع من تقلدوا المناصب وتركوها لم تشفع لهم أي تغطية إعلامية ولم تسهم في تخليد ذكراهم لدى المجتمع، بل ما أسهم في ذلك هي أعمالهم والإنجازات التي سعوا إلى تحقيقها واستفاد الناس عملياً منها، وفي المقابل فإن المسؤولين الذين كانوا في مناصب ولم يتمكنوا من تحقيق أي إنجاز ما زالت مكانتهم في ذاكرة المجتمع محفوظة بأنهم لم يفعلوا شيئا ولم تكن لهم أي بصمة أو أثر إيجابي في مسيرتهم العملية.
إنها حقيقة يجب أن يؤمن بها كل مسؤول وهي أن الفرقعات الإعلامية والحملات الصحفية لا يبقى أثرها في حياة البشر، وما يبقى أثره هو ما ينفع الناس ويكون له أثر إيجابي في حياتهم، وكلنا يتذكر اليوم شخصيات تقلدت مناصب والناس يذكرون أعمالهم وإنجازاتهم وما صنعوه خلال فترة مسؤولياتهم، وفي المقابل هناك مسؤولون تكاد لا تتذكر أسماءهم على الرغم من تقلدهم مناصب عليا في يوم من الأيام.
إنها لغة الإنجاز والعمل، اللغة التي يصدقها كل فرد سواء كان جاهلاً أم عالما، كبيرا أو صغيرا، رجلا أو امرأة، هي اللغة التي يراها ويسمعها ويشعر بها كل إنسان، وهي اللغة التي يجب أن تكون حديث كل المسؤولين وكل من تقلدوا المناصب وكل من كان في يوم ما مسؤولا عن رعية.