وزارة الصحة - الخطة الاستراتيجية 1440-1431 هجرية

نقد ومراجعة تفصيلية شاملة- 6
أشارت "المادة الخامسة من النظام الصحي" إلى "3-إعداد الإحصاءات الصحية والحيوية، وإجراء الدراسات والأبحاث العلمية وتحليلها والاستفادة منها "و"10- العمل على وضع القواعد المنظمة لإجراء الأبحاث والتجارب الطبية والدوائية" و"4- وضع الاستراتيجية الصحية والخطط اللازمة لتوفير الرعاية الصحية". ولنبدأ بالإحصاءات الصحية والحيوية، حيث ما زالت وزارة الصحة تعتمد في غالب منشآتها على جمع المعلومات يدويا، حتى لو أدخلت إلى الحواسيب لاحقا. ما عدا ما أعلن هذا الأسبوع من قبل الوزارة عن النظام الإلكتروني لرصد انتشار الأمراض المعدية وتفشي الأوبئة وتسجيل التطعيمات عن طريق رقم الهوية الوطنية أو الإقامة (رائع)، وما تقوم به مدينة الملك فهد الطبية من الجمع والتحليل الإلكتروني الحي والمباشر للمعلومات مع التحليل الدوري والمتكرر لتحسين الأداء.
ومن الصعوبة بمكان أن تحصل على أي معلومات أو أي إحصاءات موثقة علميا وبشكل مستقل عن الأمور الصحية في بلادنا. مع هذا، يجب أن تُعرض أي أبحاث أو إحصاءات صادرة عن الوزارة أو غيرها على البحث العلمي المُحكم (مكرر من قبل أكثر من مركز بحثي) لتوثيق ما يرد فيها من معلومات واستنتاجات من تأكيد أو نفي أو تعديل, حتى لو كانت سلبية، عن طريق مراكز بحثية مستقلة و/ أو أخرى تابعة للوزارة. ومن المعلوم بالضرورة علميا أن أي إحصاء أو بحث، يجب أن يوثق عن طريق الدراسات المُحَكَمة مع تكراره من قبل أكثر من مركز علمي بحثي حتى يتسنى لصانعي القرار القيام بمهامهم بشكل علمي أفضل.
ويجب عدم أخذ أي نتائج سلبية للدراسات العلمية المستقلة على أنها مقياس لأداء المسؤول، بذاته، بل هي فرصة لتحسين الأداء وتطوير الخدمات. مع النظر بشكل مستقل إلى أداء أي مسؤول (بعينه) على أي مستوى وظيفي وتقييمه بشكل دوري وإبقاء من يصلح عمله وأداءه للصالح العام أو إنهاء خدمات من يكون أداؤه دون المستوى مع تقنين عدم بقاء أي مسؤول مهما علا شأنه في منصبه أكثر من ثماني سنوات.
أيضا أرى أن تدعم الحكومة (ماليا وتنظيميا عاما) مراكز بحثية مستقلة حرة، لكل ما يتعلق بنشاط الإنسان وحياته سواء كانت صحية أو غيرها في أي تخصص كان خاصة الصحي منها، حيث هو مدار مقال اليوم. ومردود هذا الدعم هو دراسة أنفسنا بأنفسنا علميا عن طريق علمائنا (ومن يأتي للعمل في بلادنا من العلماء من الدول الأخرى) لاستخراج الطاقات العلمية والبحثية الكامنة في أنفسنا مع تحفيز الإبداع وتوطين لغة العلم والبحث والدليل العلمي (مدينة الملك فهد الطبية، ومستشفى الملك فيصل التخصصي وجامعة الملك سعود كمثال) الذي بدوره يدعم الحوار والاحتكام للعلم والمعرفة، ويؤصل في مجتمعنا عادات الحضارات الراقية، وتجعلنا في مسار الأمم التي تقود ولا تُقاد.
أيضا نتائج البحوث تعطينا صورة حقيقية عن أنفسنا، وتخدم الدارسين والباحثين وقياداتنا على جميع المستويات في اتخاذ القرارات ووضع الاستراتيجيات طويلة المدى (50 سنة فأكثر) للبناء والتطوير والتحسين. ومن يجد حرجا من البحوث العلمية وكشفها للعيوب والأخطاء، فيجب ألا يبقى في أي منصب له علاقة بالوطن والمواطنين في القطاع العام (جميع وظائف الدولة وما يتبعها من شركات ومنشآت).
وأرى ضرورة أن يتم إنشاء وزارة مصغرة (بميزانية مستقلة تزيد وتتجدد) للبحث العلمي الحر، على جميع المستويات للتنظيم العام (خلافا للخاص، حيث يقوم بذلك أصحاب التخصص)، والإشراف على مراكز البحوث المستقلة (تنشأ من قبل المواطنين حسب تخصصاتهم وخبراتهم وميولهم, مع المراكز القائمة) ودعمها ماليا بشكل مرن وعادل ومنظم. مثال ذلك مراكز للأبحاث الاجتماعية، والصحية والسياسية والاقتصادية والبلدية والأمنية (المرورية) والصناعية والعلاقات الدولية، (كراسي الأبحاث في جامعة الملك سعود كمثال، ولكن ليست هي المقصودة)، إلخ. ولها أهداف استراتيجية متجددة وواضحة ومحددة وغير ضبابية قابلة للمراجعة والتعديل حسب حاجة الوطن. كما تعنى بالتدريب البحثي العلمي الجاد لأبناء الوطن في جميع مراحل التعليم وما بعد الجامعة. ويكون للأبحاث أهداف مرجوة ولو كانت طويلة المدى (30 - 50 سنة)، تبحث في أسئلة حيوية لنا ولبلادنا، تقود إلى منتجات فكرية ومادية ذات قيمة اجتماعية أو/ واقتصادية أو غيرها..... يتبع ....
وكما قيل: اعقلها وتوكل، قال تعالى "وفي أنفسكم أفلا تتفكرون".

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي