التحولات الاقتصادية في ظل إدارة ترمب

يعيش العالم حالة ترقب بشأن سياسات أمريكا الاقتصادية خلال فترة ترمب المقبلة، والدول الأكثر انكشافا على الاقتصاد الأمريكي هي الشركات الصينية والهندية ثم الشركات الأوروبية، تهديدات ترمب تكمن في رفع الرسوم الجمركية لتقييد حركة المنافسين على نطاق واسع.

السياسة الخارجية الاقتصادية بهذا الشكل تحمل احتمالات واسعة ويصعب حصرها، لكنها مؤثرة في التجارة العالمية وبشكل أساسي تحول الحلفاء إلى خصوم.

المشهد العالمي قد يشهد اضطرابات اقتصادية لا يمكن تفسيرها في نسق واحد، خاصة عند مقارنتها بالعقد الماضي، في حال فرض ترمب رسوما على المنتجات الأوروبية بنفس منهجية الرسوم على الصين، فقد يفتح هذا الإجراء أمام علاقات أفضل بين التجارة الصينية والأوروبية.

ندرك مستويات التعقيد وصعوباتها، لكن إذا فتح ترمب ملف ميزانية المشاركة في الناتو من نسبة الناتج المحلي لكل عضو ولا سيما الدول الأوروبية، فسنشهد تطورا للسيناريوهات الداعمة للتقارب الأوروبي - الصيني، هذا يمثل خيارا مضادا لسلوك ترمب المرتقب ويعزز من فرص مجموعة "البريكس" من استمالة ولاءات جديدة دون الحاجة إلى الانضمام.

الصين هي الدولة التي يمكنها المنافسة حتى مع فرض تعريفة جمركية 100% وذلك لسببين: هامش التكلفة المنخفض في الصين مقارنة بأي اقتصاد آخر، وقدرتها على التأثير في سلاسل الصناعة العالمية بوضع سياسات تعوق مرور المنتجات نصف المصنعة للدول الرئيسية بما فيها الدول الأوروبية نتيجة لسعتها الإنتاجية وكذلك دور مبادرة الحزام والطريق في تعزيز نفوذ الصين التجاري.

تجب ملاحظة ردة فعل الصين في بداية ولاية ترمب وتطورات أزمة الحرب الأوكرانية، لتكون تفسيراتنا منطقية وفي سياق العوامل التي نشأت منها المصاعب، التأثير الأكبر في أوروبا مصدره الطاقة الروسية وقلق أمريكا من هيمنة الاقتصاد الصيني على مفاصل الصناعة الحساسة وغير الحساسة، لأن أمريكا تخلت عن كثير من الصناعات ذات التقنية المتوسطة للصين وتحاول حاليا استعادتها.

تراجع انتشار الصناعة الأمريكية في العالم وارتفاع ديونها إلى 36 تريليون دولار من أبرز تحدياتها الإستراتيجية، لأنها اعتمدت على التحكم في كل شيء من خلال تكلفة المال للسيطرة، بينما الصين على الإنتاج وجمع العملات الصعبة وتعميق أسواقها الخارجية.

إن كل ما سبق يعطينا فكرة عن حجم التحولات القادمة إذا نفذ ترمب تهديداته الاقتصادية خارجيا، أما عواقب سياساته الداخلية، فإنه من الصعب وصفها بالخاطئة إستراتيجيا، لأنه يريد إعادة مجد أمريكا الصناعي المهيمن، لكن تكلفتها تبقى غير واضحة للمراقبين الاقتصاديين مع تطور التجارة العالمية.

أخيرا: جميع خصوم أمريكا التجاريين يحكمهم الدولار، وتظل كثير من التوقعات مرهونة بتطورات الحرب الروسية وتماسك الاقتصادات الأوروبية الرئيسية ومدى استغلال الصين أي تدهور أوروبي، ما يجعلها خيارا للأوروبيين إذا ما استمر ترمب في تجاهل نداء حلفائه الدائمين أو فرض خيارات الشراء عليهم من خلال السياسة وليس الاقتصاد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي