إستراتيجيات الذهب وبيتكوين والدولار لعام 2025

يبني بعض المستثمرين إستراتيجياتهم الاستثمارية من عام لآخر حسب إستراتيجية مختلفة لكل عام جديد، وفي نهاية كل عام ينظرون إلى نتائج الأداء ومن ثم يضعون إستراتيجية جديدة للعام التالي وهكذا، وهذا أسلوب يختلف عن الاستثمار طويل المدى الذي يراهن على عامل الزمن في تحقيق الأهداف، ويختلف كذلك عن أساليب المضاربة قصيرة المدى التي تعتمد على مهارات التحليل واقتناص الفرص، حيث تعتمد إستراتيجية العام الواحد على طرق مختلفة ومفاهيم معينة وأساليب نتطرق إليها في هذا المقال.

من المهم الانتباه إلى أن أي إستراتيجية استثمارية في الأسواق المالية تنطلق أولاً من العلاقة بين العائد والمخاطرة بالنسبة إلى المستثمر، وهذا أمر بديهي ومع ذلك كثير من الناس يتجاهلون ذلك ويخلطون بين المتوقع والممكن والمأمول والصعب والمستحيل، فيركزون على العائد دون أن يكون لديهم تصور حقيقي ومعقول لدرجات المخاطرة اللازمة. هنا سنتكلم فقط عن الإستراتيجية المحايدة في الذهب والبيتكوين والدولار، ويمكن لمن يبحث عن درجات مختلفة من العائد والمخاطرة في هذه الوسائل الثلاث تعديل مستوى المخاطرة للخروج عن الأسلوب المحايد، كما سنرى.

الأسلوب المحايد فكرته أن المستثمر يرغب في تجنب المخاطرة قدر الإمكان والقبول بعائد قليل لكن بنسبة نجاح عالية، فيقوم بتحييد مخاطرة الأصول التي يستثمر فيها، بحيث لا يتقلب العائد لديه بشكل حاد، فهو من البداية لا يرغب في تحقيق عائد كبير، وإلا لراهن على اتجاه معين لبيتكوين أو الذهب أو الدولار للعام المقبل واكتفى بذلك، لذا فهذا الأسلوب مناسب أكثر للشخص الذي لديه مبلغ كبير نسبياً للاستثمار. إحدى الطرق لتحقيق ذلك تتم باستخدام أسلوب التداول المزدوج، فيقوم الشخص بشراء وسيلة استثمارية وبيع الأخرى على المكشوف وذلك للاستفادة من التباين السعري بين الوسيلتين لتحقيق ربح قليل بغض النظر عن توجه السوق في الفترة المقبلة، سواء أكانت سوقا صاعدة أم هابطة أم مستقرة، وبالتالي لا تكون هناك حاجة لانتقاء أسهم مرشحة للصعود لشرائها، ولا أسهم مرشحة للهبوط لبيعها على المكشوف، بل الاعتماد فقط على الفروقات بين أسعارها.

هل يمكن تطبيق التداول المزدوج على الذهب وبيتكوين؟ هذا يعني أننا نفترض أن هناك علاقة طردية قوية نسبياً بين الوسيلتين فنقوم باستمرار ببيع واحدة وشراء الأخرى متى كان التباين أعلى من المتوقع، وحين يعود الارتباط إلى مستواه الطبيعي نتخلص من الوسيلتين وننتظر التباين المقبل. في السنوات القليلة الماضية هناك علاقة طردية متقلبة بين الذهب وبيتكوين زاد فيها الارتباط في العامين الماضيين إلى نحو 87%، فهل يستمر عند هذه المستويات في السنوات المقبلة؟ عادة عندما لا تجد الأموال مكاناً مناسباً فهي تذهب نحو الذهب، وهذا يحدث عندما تتقلص الفرص الاستثمارية أمام المستثمرين، ويحدث حينما يقع الاقتصاد في حالة ركود أو يظن أنه متجه نحو ذلك، أو عندما تنشأ أزمات مالية كبرى، لذا فجاذبية الذهب تأتي من هنا، أما بيتكوين فهي تتحرك حين تزداد المخاوف من العملة الورقية، بالذات الدولار الأمريكي، وتتأثر سلباً بمخاطر تغير الجوانب التشريعية، إلى جانب فروقات أخرى تتعلق بحدة التذبذب والسيولة، ما يعني ضرورة تعديل أوزان الذهب والعملة المشفرة في التداول المزدوج.

الأسلوب المحايد الآخر ممكن أن يتم بين الدولار وبيتكوين، وهنا العلاقة بين الوسيلتين عكسية في كثير من الأحيان، والسبب بالطبع لأن بيتكوين عدوة الدولار، وتتأثر بشكل معاكس لحركة الدولار، تصل إلى سالب 77% في بعض الأحيان، لذا إذا كانت معدلات الفائدة مرشحة للانخفاض فإن الدولار يضعف وبيتكون ترتفع، ومن يعتقد أن بيتكوين سلاح ضد التضخم فارتفاع التضخم سيؤدي إلى ارتفاع بيتكوين، وهنا يظهر لدينا نوع من التضارب في العلاقة، لأن ارتفاع التضخم يؤدي إلى رفع معدلات الفائدة وبالتالي ارتفاع الدولار كذلك! ومع ذلك يزول هذا التضارب إذا عرفنا سبب التضخم، فإذا كان ناتجاً عن ضعف القوة الشرائية فهو مرتبط بالعملة الورقية وهنا ترتفع بيتكوين، أما إذا كان مصدر التضخم الرئيس نتيجة ضغوط اقتصادية، فرفع معدل الفائدة لن يؤدي إلى ارتفاع الدولار وبالتالي لن يؤدي إلى انخفاض بيتكوين.

الموضوع يطول، لكن الخلاصة أن هناك إستراتيجيات تنظر إلى العلاقة بين الوسائل الاستثمارية المتعددة وتحاول بناء إستراتيجيات قد تكون محايدة تماماً أو بدرجات مخاطرة متعددة، يستفيد منها بعض المستثمرين في الأسواق المالية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي