سلطان والتفرّد في الشخصية
بداية أعزّي مولاي خادم الحرمين الشريفين ـــ أطال الله عمره وألبسه رداء العافية ـــ وسمو نائبه الثاني ـــ حفظه الله ـــ والأسرة المالكة والشعب السعودي بوفاة سمو الأمير سلطان بن عبد العزيز ـــ رحمه الله. ولا شك أن فقدان سمو الأمير خسارة عظيمة، لكننا نرضى بالقدر ونسترجع لنقول ـــ إنا لله وإنا إليه راجعون. ورحمكَ الله يا أبا خالد وأسكنك الفردوس الأعلى.
إن سمو الأمير سلطان شخصية فريدة جمعت بين الحكمة والدهاء والفطنة والقيادة وبعد النظر ومزجت معها البشاشة والكرم وحسن الطباع مؤطرة بالإيمان بالله ثم بمليكه ووطنه مما صار لذلك أكبر الأثر في نتائج الأعمال التي تولاها، حيث انتهت إلى نجاحات غير مسبوقة. وليس ذلك فحسب بل كان ـــ رحمه الله ـــ ممسكا بزمام كل ملف تولاه ليخرجه على أحسن وجه، فقيادته المدنية منها والعسكرية كلها تنبئ عن فكر نيّر يصوغ في نهاية المطاف شواهد بلا حدود على إمكانات ذلك الرجل.
إن سمو الأمير سلطان ـــ رحمه الله ـــ لم يقف على تخصص واحد في أمور الحياة بل شمل بمعرفته واهتماماته كل الجوانب المختلفة سواءً الاجتماعية أو السياسية أو الاقتصادية أو غيرها بشموليةٍ وصلت آثارها مختلف فئات وأطياف المجتمع. وفوق كل ذلك فهو ـــ رحمة الله عليه ـــ لم يغفل في إنسانيته الاهتمام بكل ذي حاجة من فقيرٍ أو موعزٍ أو قليل حيلة على الرغم من مشاغله وانشغاله بأمور أكثر آنيّة وأهمية لكنه يتلمس احتياجاتهم بكرمه المعهود وطيبته الصادقة. وما مدينة سلطان بن عبد العزيز للخدمات الإنسانية إلا واحدة من نماذج آلاف الأعمال في هذا المنحى، وهذا ما يعرفه أغلب الناس، فكيف بتلك الأعمال الخيرية التي لا يفصح عنها والتي شملت مسلمين بالآلاف في أرجاء المعمورة، رحمك الله يا أبا خالد وأسكنك فسيح جنانه وستبقى أعمالك العظيمة وسيرتك العطرة أبد الدهر خير شاهد ليتذكرك الحاضر والمستقبل.