بين سليمان الراجحي وبيل جيتس

أن يتشبع الإنسان بالإحسان إلى درجة الإيثار بجزء من ثروته التي صنعها من عرق جبينه لصالح آخرين فهذا تعبير استثنائي لهذه القيمة الإنسانية المشتركة على اختلاف الأعراق والأديان. تجربة الشيخ الفاضل سليمان الراجحي وأسطورة التقنية بيل جيتس في الإحسان وأثرهما الخيري على الساحة تجربة تسترعي التوقف والتأمل، وفي هذا المقال نتأمل التجربة من خمس زوايا.
عبر سليمان الراجحي عن قيمة الإحسان في نفسه بأن أوقف ما قيمته 25 مليار ريال تقريباً، وعبر بيل جيتس عنها بأن أوقف ما قيمته 90 مليار ريال (تقدير عام 2011)، والمفاضلة هنا ليست بالأرقام فكلا الرقمين تجاوزا حدود المعتاد سماعه في عالم الأوقاف والصدقات، وكلا الشخصين عبرا بطريقة استثنائية عن سخاء نفسيهما وحبهما للخير قل أن تجد له نظيرا بين أثرياء العالم.
أما من ناحية حدود أثر إحسانهما فلقد منحت القوانين الأمريكية المنظمة للعمل الخيري الفرصة لبيل جيتس أن تتجاوز أعماله الخيرية حدود مجتمعه الذي يعيش فيه لتصل إلى مجتمعات فقيرة في أكثر من 100 دولة من مختلف أنحاء العالم حيث خصص جيتس ما لا يقل عن 75 في المائة من إحسان جمعيته الخيرية للأعمال الخيرية الخارجية. فيما يبدو أن القوانين التي سنتها كثير من الدول الخليجية بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر وجهت أعمال الشيخ سليمان الراجحي الخيرية إلى الداخل ليستفيد منها أفراد المجتمع السعودي. ولعل هذا ما أعطى أعمال بيل جيتس زخماً إعلامياً عالمياً عاد أثره على سمعته شخصياً وسمعة جمعيته الخيرية ودولته كذلك.
يمارس الشيخ الراجحي أعماله الخيرية في بيئة خيرية محلية تتصف بحداثة التجربة وقلة عدد المنظمات الخيرية التنفيذية فيها، مما جعل وجود شركاء فاعلين قادرين على استثمار إحسان جمعية خيرية مانحة بحجم سليمان الراجحي تحدياً دائماً. أما بيل جيتس فهو يعمل في بيئة خيرية ناضجة وغنية بالشركاء وثرية بالخبرات المتخصصة مما سهل له تعظيم أثر أعماله الخيرية ومضاعفة نتائجها.
يشترك الاثنان بامتلاكما شخصية ملهمة مفعمة بروح الشعور بالمسؤولية الفردية والتواضع والمبادرة مما شجع أثرياء آخرين للتفكير جدياً في اقتفاء أثرهما وتخصيص جزء من ثرواتهم لأعمال الخير بطريقة منظمة.
تبقى الإشارة إلى أن المحسن المسلم يتفوق على غيره بأن عوائد إحسانه يجنيها في الدنيا والآخرة بينما تنحصر عوائد إحسان غيره في الدنيا فقط كما في حديث المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ في صحيح مسلم: "إن الله لا يظلم مؤمناً حسنة، يعطي بها في الدنيا ويجزي بها في الآخرة، وأما الكافر فيطعم بحسنات ما عمل بها لله في الدنيا، حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم تكن له حسنة يجزى بها".
ولكم يتمنى الإنسان المحب لوطنه ومجتمعه أن تتوافر لمحسن كبير مثل سليمان الراجحي الظروف القانونية والتنظيمية التي توافرت لبيل جيتس لكي نرى بصماته في أنحاء العالم وتنعكس صورة مشرقة للتاجر السعودي المسلم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي