حقوق وواجبات المرأة
في المقالة السابقة أكملنا ما تبقى من خطبة الوداع، وأشرنا إلى أن خطبة الوداع تُمثل فعلاً الإعلان العالمي الأول الحقيقي والتاريخي لحقوق الإنسان وواجباته، تلك الحقوق والواجبات التي أوجزها القائد والمعلم الأول محمد - صلى الله عليه وسلم - , ولأن الله تعالى أعلم بما فيه صلاح عباده لذا جاءت حقوق الإنسان وواجباته حسبما نص الدين الإسلامي واضحة ووافية وكافية غير قابلة للتعديل، لأنها من صنع الخالق - عز وجل، أما في الغرب فإن حقوق الإنسان هي من تأليف البشر، واستغرقت صياغة هذه الحقوق وقتاً طويلاً مرت فيه بالعديد من التعديلات والتصحيحات حتى اكتمل عدد موادها ليصبح 31 مادة، منها مادتان هما 16 و18 تتعارضان مع ما ورد في الإسلام، فإحدى هاتين المادتين تعطي الإنسان حرية تغيير دينه متى ما شاء!! مما أدى إلى تخبط الإنسان بين الأديان وهو الأمر الذي دفع بالمسيحيين وغيرهم إلى ألا يكون لهم دين معين إلا من رحم ربي وهدى، أما المادة الأخرى فهي تعطي الرجل والمرأة الحق في الزواج متى ما اتفقا عليه دون موافقة الوالدين أو ولي الأمر ودون وجود شاهديّ عدل، وباقي الشروط التي تحمي رباط الزوجية وتحمي المرأة كذلك من أن تكون ضحية قرار متسرع أو ضحية رد فعل لا تصاحبه نية صادقة، وكل هذه الأشياء هي من أسس بناء الأسرة الصالحة وهي التي تكفل استمرار ونجاح الحياة الزوجية، لذلك يبدو جلياً الخلل الواضح الذي تتضمنه بعض قواعد حقوق الإنسان في الغرب مما شجع دولهم ومفكريهم على التوسع في الحريات، وفتح الأبواب مُشرعة للأهواء والشهوات حتى وصلوا مرحلة السماح بالشذوذ الجنسي والزنا ما دام طرفا العلاقة موافقَين عليها!! حتى أخذت ظاهرة الشذوذ طريقها للجيوش مما أبعدهم عن الفطرة السليمة التي فطر الله البشر عليها، وكل ذلك جعلهم يسقطون في وحل الشهوات والأهواء الشيطانية الآسنة بدعوى الحرية العمياء لدرجة لم تستطع معها كنائسهم أن تقاوم هذه الشرور والعادات المريضة. ولكن وإحقاقاً للحق فإننا يجب أن نذكر أن الغرب من الناحية الإدارية والتنظيمية قد قنن حقوق الإنسان كمواد ثابتة وبموجب اتفاقيات وعهود وبروتوكولات ملزمة يسهل الرجوع إليها والقياس عليها ومقارنتها بغيرها ومتابعتها، ولكن كل هذا لا ينفي ولا يحجب الأخطاء غير الحضارية التي وقع فيها الغرب فيما يتعلق بحقوق الإنسان بما في ذلك سيطرة الدول الكبرى وضغطها على الدول النامية إرضاء لمصالحها ضاربة بحقوق الإنسان عرض الحائط ومستخدمة حق النقض (الفيتو) و(الكيل بمكيالين) و(الانتقائية) و(ابتزاز حقوق الإنسان لصالحها) كل ذلك لحماية الدول التي ترعى مصالحها وتدور في فلكها، والآن نعود لتحليل واستنتاج:
بقية خطبة الوداع
بعدما انتهى محمد - صلى الله عليه وسلم - من تحريم دماء المسلمين وأموالهم (حق الحياة) و(حق التملك) والتشهير بفساد الجاهلية وخاصة ما يتعلق بالمطالبة بالثأر ظلماً وعدواناً وتحريم أكل الربا، بعد ذلك انبرى عليه السلام لحقوق المرأة وواجباتها فطالب المسلمين بتقوى الله تعالى في النساء اللاتي هن أمانة وضعها الله في أعناق الرجال وخاصة الزوج الذي انعقد النكاح باسم الله تعالى لتصبح المرأة زوجة له بالحلال (فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله ...) ثم أوضح عليه السلام واجباً مهماً على الزوجة وهي ألا تسمح مطلقاً بدخول الغرباء إلى بيت الزوجية وخاصة المكروهين من الزوج مما قد يسبب (لا قدر الله) الدخول في الريبة وفي أولويات الفاحشة فإن قامت الزوجة بذلك فإنها تستحق الضرب دون المبالغة فيه للحد الذي قد يسبب جرحاً في الجسم أو كسراً في العظم (ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضرباً غير مبرح)، وفي الحلقة (200) نكمل ما تبقى.
عضو الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان