عملاق العمل الخيري السعودي

إن كان السعودي يعبّر عن ملامح التطور في بلاده بصورة لناطحات تعانق السحاب أو بطرق سريعة تشق الصحراء أو بشركات عابرة للقارات، فإن عليه حقاً أن يفتخر بذلك الصرح الخيري العملاق الذي ساهم في تشييده أفراد المجتمع العاديون وبعض من نخبته وبدعم من شركات تجارية وجهات حكومية متنوعة، اجتمعوا سوياً لتقديم الرعاية الطبية والتعليمية والاجتماعية لشريحة من أهم الشرائح وهم الأطفال المعوقون.
إن الاحترافية التي آمنت بها الجمعية منذ تأسيسها على يد الدكتور غازي القصيبي ـــ رحمه الله ـــ في تحقيق رسالتها الخيرية وما شهدته من نمو وتطور على يد الأمير سلطان بن سلمان ـــ جزاه الله خيراً ـــ يجعلها عملاقا خيريا يحق لكل مواطن أن يفتخر به.
نشأت جمعية الأطفال المعوقين في مقر وحيد في العاصمة واليوم تبلغ المراكز التابعة لها أكثر من سبعة حول المملكة مهيأة لتقديم خدمات عالية المستوى في المجال الطبي والتعليمي والاجتماعي مما جعلها من أكبر الجمعيات الخيرية الطبية في الشرق الأوسط ومنافسة لمثيلاتها في الدول الغربية.
وبميزانية سنوية تقدر بـ 100 مليون ريال وأصول ثابتة تقدر بنصف مليار ريال، تقدم الجمعية خدمات شاملة مجانية لأكثر من ثلاثة آلاف طفل وطفلة وتساهم في توظيف قرابة 250 معوقا في القطاع الخاص وتدمج ما لا يقل عن 200 طفل معوق في مدارس التعليم العام. وحتى تحافظ الجمعية على تقديم خدماتها المجانية فقد سعت إضافة إلى دعم المحسنين والمحسنات إلى تأمين دخل مالي ثابت لها وها هي الآن تملك 15 وقفا عقارياً.
يقوم التميز في أداء الجمعيات الخيرية على مقومات عدة ومما يلاحظه المراقب لأداء جمعية الأطفال المعوقين التزامها بكثير من هذه المقومات، فلقد آمنت الجمعية بمبدأ الاحترافية في الأداء والعمل المؤسسي، يتضح ذلك من بنائها الإداري وتخصصات لجانها العاملة ووضوح رسالتها، ومحافظتها على تخصصها المهني بالتركيز على الأطفال المعوقين من سن الولادة إلى 12 سنة دون سواهم، كما أن في نشرها لتقريرها المالي المعتمد من جهة محاسبية خارجية على موقعها في الإنترنت إشارة إلى مستوى جيد من الشفافية في التعامل مع الأموال وهي ممارسة قلما تجد لها نظيرا في الجمعيات الخيرية السعودية، وآخر مزايا هذه الجمعية العملاقة هي دخولها في شراكات مع جهات متخصصة عدة مما جعل الجمعية جسما متفاعلا نشطا مع البيئة الخارجية.
حسناً .. أغمض عينيك الآن وتخيل السعودية دون جمعية الأطفال المعوقين!
إنها كارثة، فكثير من الخدمات التي تقدمها الجمعية اليوم لآلاف الأطفال المعوقين لا يوجد من يقدمها لهم غيرها.. وهذا ما يبرهن لي ولك وله أن العمل الخيري قادر على القيام بعمل تنموي رئيس في المجتمع لا يمكن الاستغناء عنه.

مختص في إدارة وتنظيم العمل الخيري ـــ جامعة كاردف

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي