قصة ومشاهدات ومعانٍ كثيرة
هبطت طائرة الخطوط السعودية القادمة من دبي إلى مطار الملك خالد الدولي في الرياض وعانقت إحدى بوابات الصالة. كنت وصديقي في درجة الأعمال؛ ولذلك كنا الأول خروجا من الطائرة دخولا إلى الصالة. عند البوابة كان هناك سائل بني اللون مسكوب على الأرض بكثرة، قد يكون قهوة أو مشروبا غازيا. بجانب تلك البقعة تركت ثلاث سجادات صلاة فرشت وتركها أفراد حراسة البوابة بعد أن فرغوا من صلاتهم. المنطقة اليابسة بين السائل المنسكب في مدخل البوابة والسجادات صغيرة جدا؛ مما حدا بالمسافرين المترجلين من الطائرة إلى استخدام مهاراتهم في القفز والمناورة كي لا يصيبهم السائل المنسكب، ولا يطأوا سجادات الصلاة. ونحن نسير باتجاه كاونترات الجوازات أبدى صديقي استياءه وغيرته من مطار دبي الذي تركناه قبل ساعات، وقرر إبلاغ موظف الجوازات؛ كي يبلغ المعنيين لترتيب مدخل البوابة. قلت لصديقي لا تتفاءل كثيرا فأنا أعرف إجابته مسبقا. وبالفعل سمعت موظف الجوازات يتمتم لصاحبي بكلمات أن هذا لا يخصني. ما يستفاد من القصة يتلخص في ظاهرة السلوكيات غير الحضارية في مطاراتنا الدولية التي تعد الصورة الذهنية الأولى لضيوفنا. سلوك موظف الجوازات يعطي دلالة غياب بيئة العمل لديه وهي المطار الدولي. وأن العمل الجماعي وروح الفريق الواحد لفرق وأفراد الجهات العاملة في المطارات الدولية لا تزال متدنية، إن لم تكن معدومة. تم إنفاق مبالغ كبيرة لشركات الاستشارات الأجنبية مثل (فرابورت) وغيرها لتطوير مطاراتنا ولم يتغير في نظري شيء، نقاط التفتيش الأولى مرة تتقدم بضعة أمتار ومرة تتأخر، والموظفون على أجهزة التفتيش ينشغلون كثيرا بالأحاديث الجانبية والتفاعل مع جوالاتهم، تاركين أمتعة المسافرين تتراكم. ركن المدخنين مضحك جدا؛ لأنه في الهواء الطلق، وفي رأيي أنه أشد خطورة مما كان عليه الحال من قبل، للتركيز العالي والخطير للأدخنة في تلك المنطقة. وللمعلومية فإن غرف التدخين لها مواصفات وتجهيزات معروفة عالميا. المطار لا يعاب عليه المبنى كعيب الإدارة هو وبقية مطاراتنا. النهوض بالقوى البشرية وتطوير بيئة المطار لا يحتاج إلى شركات عالمية بقدر ما يحتاج إلى تطوير أنظمة إدارة المطارات وتنفيذها بحزم. كما يمكن حصر مهمة المؤسسات الحكومية الأمنية في المراقبة والإشراف وتدريب أطقم وطنية خاصة ذات دراية ببيئة المطارات للقيام بالمهام التنفيذية المختلفة.