فلسفة التعديل الوزاري وتوقيته
ثمة قاعدة ذهبية مهمة، تبلورت في الفكر التحديثي والإصلاحي والتطويري في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، يمكن تلخيصها في كلمات معدودات، هي: الاستقرار من أجل التغيير؛ إذ تظل غاية المبادرات الإصلاحية التي أرساها، حفظه الله، هي تغيير كل جوانب الحياة في المملكة نحو الأفضل والأحسن؛ منها أي تغيير للمستوى الاقتصادي، والارتقاء به، ودفعه نحو الأمام، هو مقصد وطني أصيل، بصورة تنعكس على حياة المواطن؛ فيلمس آثارها ويشعر بجدواها.
وأي تغيير لمستوى الخدمات لترتقي إلى مستوى العصر، هو هدف استراتيجي لحكومة خادم الحرمين الشريفين؛ ليجد المواطن ما يستحقه من الحياة الكريمة، التي هو جديرٌ بها.
فالمواطن السعودي، في منظومة خادم الحرمين الشريفين، جديرٌ بحياة كريمة، وبخدمات صحية راقية، وبمدارس وجامعات حديثة ومجهزة، وبطرق ومواصلات مريحة، وبنظام عدلي؛ وبخدمات مثلى.. وبكل ما يُسهّل له سبل الحياة. وهذه هي الأهداف النهائية التي يعمل من أجلها ويسترشد بها نظام الحكم في المملكة. والاستقرار هو الهدف الاستراتيجي؛ والحاضن الطبيعي لهذا التغيير المنشود، والبيئة المثالية التي يتحقق فيها التغيير الإيجابي إلى الأمام قُدماًً.
وفي هذا الخصوص، يكتسب التعديل الوزاري المحدود لخمس وزارات خدمية واقتصادية، الذي أجراه خادم الحرمين الشريفين، الأسبوع الماضي، أهمية كبرى سواء في فسلفته أم توقيته؛ ما يعكس تصميماً وعزماً أكيداً، وإرادة سياسية في استمرار إبراز المكانة الاقتصادية الرائدة التي تحظى بها المملكة على خريطة الاقتصاد العالمي؛ ودعماً كذلك لاقتصادنا الوطني ضد المخاطر الخارجية؛ بإحداث ذلك التناغم بين السياستين المالية والنقدية مع السياسة الاقتصادية للمملكة؛ ما يؤكّد أن هذه الإرادة الوطنية، تمضي في الطريق الصحيح من أجل دفع عملية التنمية الاقتصادية؛ والتأكيد أيضاً على أن هذا التغيير، أو التعديل الوزاري، ليس هدفاً في ذاته، بقدر ما هو وسيلة فعّالة لتحقيق الاستقرار من جهة، ومواكبة تغيُّرات الواقع من جهة أخرى، بما يصب في تحقيق الهدف المرجو منه وهو رفع معدلات التنمية الاقتصادية الوطنية التي بدورها تستهدف رفع مستوى معيشة المواطن وتوفير حياة كريمة له وهو محور مهم من محاور رؤية خادم الحرمين الشريفين للتنمية المستدامة في المملكة.
وترتكز فلسفة التعديل الوزاري الأخير، إلى تحقيق المزيد من التوازن بين التخطيط المركزي؛ والتخطيط الإقليمي في برامج التنمية؛ وتعميق اللامركزية في التنمية المحلية والإقليمية؛ ويشكِّل هذا التعديل، في الوقت نفسه، نقلة نوعية في مسيرة التنمية المستدامة التي قطعت فيها الدولة أشواطًا طويلة، وخطوة مهمة على طريق دفع عجلة التنمية الاقتصادية؛ ومواجهة مشكلة البطالة؛ وتعزيز الخدمات الأساسية للمواطنين بطريقة جيدة وسريعة، ويبقى مهماً التأكيد على المشاركة المجتمعية، ودورها المنتظر في دعم هذا التوجُّه جنباً إلى جنب مع الجهد الرسمي لتحقيق الأهداف والطموحات والتي تحتاج إلى المزيد من الجهد والعمل حتى تتحوّل إلى واقع، منشود وملموس.
أما توقيت التعديل الوزاري المهم؛ فيستبق، أو كاد يتزامن مع إعلان مشروع موازنة العام المقبل، بإذن الله، والتي تعد من أضخم الميزانيات التي يشهدها الاقتصاد السعودي على الإطلاق، وأبرز ملامحها مبشرة، لأن تكون أكثر توسعاً، مدعومةً باستمرار ارتفاع أسعار وإنتاج النفط لسنوات مقبلة؛ ما يضع الأسس الكفيلة لحافز مالي قوي للاقتصاد السعودي في 2012م - بإذن الله؛ يعزّز ذلك التوجّه، تعيين محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي السابق، وزيراً للتخطيط والاقتصاد؛ ما يعطي، دلالة واضحة ومؤشراً كبيراً للدعم اللا محدود، التي توليه حكومة خادم الحرمين الشريفين لقطاع السياسات النقدية، كخطوة مهمة، في الاتجاه الصحيح نحو تكريس النمو الآمن والمستقر للاقتصاد السعودي، الذي يجنِّب الانزلاق إلى مخاطر أزمة المديونية التي تعصف بكثير من اقتصادات الدول الكبرى.
إن التعديل الوزاري الأخير، الذي أجراه خادم الحرمين الشريفين، حفظه الله، وأمره الكريم بضخ دماء جديدة، وشابة في شرايين الوزارات الخدمية والاقتصادية يتسق مع توجيهاته، حفظه الله، لدعم خطط التنمية والتوجهات الاقتصادية التي تسير عليها المملكة وفق خطط اقتصادية منظمة تخدم اقتصادنا الوطني بشكل خاص. ويبقى الجزء الأكبر الخاص بالتنفيذ مسؤولية كلٍّ في موقعه، لترجمة، وتنفيذ توجيهات المقام السامي الكريم بتيسير الخدمات التي تمس المواطن بشكل مباشر، مثل: التعليم والصحة والشؤون الاجتماعية والخدمات البلدية والمياه والصرف الصحي والطرق وبعض مشاريع البنية الأساسية في جميع مناطق المملكة والتي ستسهم في زيادة النمو الاقتصادي.