التصدي لإرهاب العصر

تتنوع أشكال الإرهاب يوماً بعد يوم، فمن إرهاب الأسلحة والمتفجرات إلى إرهاب الظلم والقهر والبطش، ثم إرهاب السلطة والأنظمة الظالمة وغيرها من أنواع الإرهاب المختلفة، وهناك نوع من الإرهاب يستحق أن نطلق عليه إرهاب العصر، وهو إرهاب المخدرات، حيث عرضت وسائل الإعلام المحلية هذا الأسبوع قيام الجهات الأمنية المختصة خلال الشهرين الأخيرين (ذو القعدة وذو الحجة) بالقبض على 362، منهم 78 سعوديا و284 من جنسيات مختلفة، وذلك لتورطهم في جرائم تهريب ونقل واستقبال وترويج مخدرات قدرت قيمتها السوقية بنحو 866,777,839 ريالا.
كما قامت وسائل الإعلام بعرض بعض الوسائل التي حاولت بها تلك العصابات إدخال تلك السموم إلى المملكة، وأثناء مشاهدتي تلك الوسائل تعجبت كثيراً من قدرات ومهارات قوات الأمن في رصد ومتابعة وضبط محاولات التهريب، فبعض تلك الوسائل كان أشبه بالمستحيل أن يتم ضبطه، حيث قام المجرمون بوضح الحبوب المخدرة داخل ألواح الرخام وإعادة صب الرخام بإحكام فلا يمكن أن تتخيل أن بداخله شيء، وبعض تلك الحبوب تم وضعه في أعمدة حديدية للبيوت الجاهزة وبعضها في أجزاء من قطع غيار السيارات وبعضها في قطع بعض الديكورات وغيرها من الوسائل التي لا تخطر على بال أحد، لكنه توفيق الله ثم جهود وكفاءة هؤلاء الرجال الذين نذروا أنفسهم لمحاربة هذه السموم.
لقد قبض رجال الأمن خلال الشهرين الأخيرين فقط على قرابة خمسة كيلوجرامات من الهيروين الخام وستة أطنان من الحشيش وخمسة ملايين حبوب مخدرة، ولو تمكنت تلك السموم من الدخول لدمرت ملايين الشباب والشابات اليوم، فكل الشكر والتقدير للجهات الأمنية على هذا الإنجاز، كما أني أعتقد أنه لا ينبغي أن نقف عند الإعلان عن هذه الإنجازات، بل يجب أن نواصل كشف خيوط هذه العصابات والتضييق عليها، فإعلان أعداد المتهمين وكشف جنسياتهم يجب أن يعقبه إعلان أسمائهم والجهات التي يعملون لها وصلاتهم وكشف كل الشبكات الأخرى التي هم على اتصال بها ليتم فضحهم على الملأ والتحذير منهم.
كما أن هناك قوائم تعلن من أجل الإرهاب فيجب أن تكون هناك قوائم تعلن المهربين والمروجين وغيرهم من المجرمين في هذا المجال الإرهابي الذي لا يقل خطورة عن أي إرهاب آخر، فبهذه السموم يمكن أن يتم انحراف الشباب وتجنيدهم من قبل هؤلاء المجرمين لتحقيق أهداف خطرة تهدد أمن الدولة وتهدد أمن المواطنين.
إن الإعلان المستمر عن تطبيق حد القصاص بحق هؤلاء المهربين لهو أمر مطلوب بعد أن يثبت عليهم الحكم، ما يسهم في تذكير هؤلاء بهذه العقوبة التي قد ينسونها مع إغراءات الأموال التي تأتي من هذه التجارة الفاسدة، وهذا التذكير قد يمثل رادعاً بالنسبة لهم، ما يجعلهم يعيدون النظر في الإقدام على مثل هذه الجرائم، كما أن مواصلة التحذير من مخاطر هذه الآفة وما تسببه من كوارث على الفرد والمجتمع لهي أمر مهم يجب أن تتكاتف مختلف الجهات المعنية على مواصلة تفعيله.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي