شركة المباني المدرسية
أعلن الدكتور خالد السبتي نائب وزير التربية والتعليم إنشاء شركة للمباني المدرسية منبثقة من شركة تطوير التعليم القابضة (شركة مملوكة للدولة). التفاصيل لم تتضح بعد، لكن ذلك ربما يعني فصل وكالة الوزارة للمباني والتجهيزات المدرسية لتكون بما يتبعها من أصول تتمثل في المباني المدرسية القائمة وتجهيزاتها ضمن شركة المباني المدرسية (حدث ذلك من قبل في شركة المياه الوطنية)، وهو جزء من توجه محمود لوزارة التربية والتعليم للتركيز على عملها الرئيس Core Business المتمثل في التعليم والتربية وعناصرها الرئيسة وهي الطالب والمعلم والمنهج. ونقل توفير العنصر الرابع وهو المبنى المدرسي إلى القطاع الخاص الذي يمكنه أن يوفره ويديره بشكل أفضل، وفي هذا توفير للتكاليف الرأسمالية التي تدفعها الدولة لبناء المدارس الجديدة، والصرف على المباني المدرسية حسب توافر الفراغ وجودة الأداء بناء على معايير دقيقة للحكم. وقد نادت استراتيجية التخصيص التي يشرف على تنفيذها المجلس الاقتصادي الأعلى إلى توسيع قاعدة التوجه للقطاع الخاص في المشاريع بهدف تحسين الخدمة وتخفيض التكلفة سواء الرأسمالية أو المستمرة. ومع أن نظريات الخصخصة تعتمد أساسا على تأصيل البيئة التنافسية والعمل على أساس استثماري، إلا أن ذلك لن يكون واضحا في تحويل إدارات عامة معينة لتعمل تحت نظام الشركات، بينما لا يوجد بديل آخر ولا منافس يمكن أن يُسهم في التركيز على جودة الخدمة، وكأن المقصود من هذا التوجه فقط الخروج من نظام تقليدي للمشتريات الحكومية إلى نظام أكثر حرية وأكثر سرعة في عملية اتخاذ القرار.
تعلو الأصوات بالتغيير وطلب التدخل في موضوع المباني المدرسية مع كل مشكلة تقع في إحدى مدارسنا ويتأثر بها أطفالنا، ابتداء من حريق مدرسة البنات في مكة ''آذار (مارس) 2002''، وتم بعد ذلك دمج الإدارة في تعليم البنين والبنات، وانتهاء بحريق مدرسة خاصة في جدة (نوفمبر 2011) وما تبعه من أخبار متفرقة حول حرائق المدارس وإشكاليات تجهيزها. والحقيقة أن الدولة تبذل جهودا جبارة في محاولات لتلبية الاحتياجات المستمرة للمباني المدرسية المجهزة والمساعدة على توفير بيئة تعليمية أفضل. لكن العدد كبير، والاحتياج مستمر ليس فقط لبناء المدارس الجديدة والتخلص من المدارس المستأجرة، ولكن أيضا للتشغيل والصيانة والإبقاء على الحالة الصحية للمبنى ليؤدي الدور المطلوب منه، وتظل الحاجة لدور المنظم Regulator لتوفير هذه الخدمات والتأكد من مطابقتها للسياسات والمواصفات والمعايير المحددة سلفا. وهذا ليس واضحاً - في حال إنشاء شركة المباني المدرسية - في من سيقوم بدور التنظيم والتقييس والمراقبة والاعتماد، هل ستبقى وكالة الوزارة للمباني تلعب هذا الدور مع تخفيض عدد منسوبيها ليتناسب مع مهمتها الجديدة، أم ستكون الشركة الجديدة هي المنظم والمنفذ والمراقب باعتبارها شركة قطاع عام بالكلية. وهل ستقوم شركة التعليم القابضة بتأسيس شركة المباني المدرسية كشركة عامة أو بالاشتراك مع القطاع الخاص.
تذكر أدبيات التوجه للقطاع الخاص إلى أهمية توافر الاستعداد للتغيير الجذري في طريقة التفكير، وعندما نفكر بالتوجه للقطاع الخاص، وهو التوجه السائد في دول كثيرة للاستفادة من طريقة إدارة القطاع الخاص وإدارة المخاطر، وتوفير التمويل، وتحسين جودة الخدمات، فإننا يجب أن نكون على استعداد لتغيير طريقة تفكيرنا سواء فيما يتعلق بالإدارة أو بالمشاركة أو بتبادل الأدوار، وهو ما نراه يحصل في إعلان تأسيس هذه الشركة. والمأمول أن تكون خطوة خصخصة المباني المدرسة ذات نفع ملموس يسهم في تحسين مخرجات التعليم، وفي تفرغ وزارة التربية التعليم للتركيز على تطوير هذه المخرجات.