دبي بين طرفي معادلة
سيكون العام الجديد الأصعب على اقتصاد دبي ومؤشرا لمستقبل نموذجها المفرط في الطموح، حيث كانت دبي في طريقها لتكون مرفأ العالم المتوسطي للمال والأعمال، وهي بحق نجحت في أن تكون مدينة عصرية عالمية الخدمات متفوقة على مدن سبقتها بعقود طويلة من السنين، ووجد فيها الكثير من دول الجوار خاصة، ومن العالم أجمع، مدينة الأحلام التي طالما انتظروها. هذا العام سيشهد حلول استحقاقات لسندات بقيمة أربعة مليارات دولار في ظل الخوف من تراجع عوائد الإمارة التي تعتمد على صناعة الخدمات والسياحة والصناعة اللوجستية والعقار. ومنذ الانهيار الاقتصادي تجاهد دبي بطرق مصرفية متنوعة لتجاوز مشكلة ديونها، خاصة تلك المستحقة على القطاع العقاري بطيء التعافي، حيث يبلغ حجم ديونها مجتمعا ما يزيد على 100 مليار دولار. ويأتي النصيب الأكبر للدين من الشركات العقارية الكبرى مثل ''إعمار'' و''نخيل'' في حالة من تناقص الأسعار بسبب الفجوة الكبيرة بين العرض والطلب. بصيص الأمل يأتي من قطاعات بدأت تتعافى مبكرا كصناعة السياحة، التي بدورها تدير عجلة كثير من الأنشطة المتكاملة كالنقل الجوي والفنادق. إلا أن الفرق بين طرفي المعادلة يبقى هائلا، فحجم التدفق المالي من الصناعات المتعافية مقارنة بطرف المعادلة الآخر، وهو حجم استحقاقات الديون والسندات، قد يتنامى إلى عشرة مليارات دولار خلال سنتين فقط. ولهذا فإن حكومة دبي قد تلجأ إلى قبول الواقع والتوقف عن مغامرات الحلول المصرفية التي أثبتت أنها تعطيها نفسا قصيرا لكن سرعان ما تشدها إلى القاع مرة أخرى وتفاقم من أزمتها ومصداقيتها المالية. قبول الواقع يعني فتح باب الشراكة الحقيقية مع القادرين على الإنقاذ الذين يملكون ملاءات مالية ضخمة ولديهم اهتمام معنوي واستثماري في قطاعات دبي الاستثمارية.
الخوف من انهيار دبي الاقتصادي غير وارد، فالاقتصاد العالمي ذو طبيعة دورية، لكن الخوف يأتي من طول وقت الكساد في ظل تنامي نماذج مشابهة ومنافسة وذات ملاءة مالية في دول الجوار ودول الإقليم. الخوف على سيادية اقتصاد دبي ليس مبررا لعدم تسهيل عوائق الشراكات الإقليمية في القطاعات الواعدة كالموانئ والطيران والمدن الصناعية. مجموعة الإمارات القابضة، المالكة لطيران الإمارات ومطار دبي ومطار وورلد سنترال، في أعلى الفرص الاستثمارية الناجحة القادرة على ضخ 20 مليار دولار كسيولة وعلى خمس مراحل لو تم طرحها للاكتتاب العام في منطقة الخليج العربي. فجفاف أسواق الأسهم الخليجية من أسبابه عزوف السيولة لندرة شركات العوائد وليس بالضرورة عدم توافر السيولة نفسها.