ارتفاعات واستخدامات المباني
تؤثر أنظمة البناء في سعر الأرض ارتفاعا أو انخفاضا. وأنظمة البناء هي مجموعة الأنظمة التي تتحكم في المباني ومخرجاتها النهائية. تصدر هذه الأنظمة بعد دراسات متأنية للمدينة والأنشطة والاستخدامات والتطورات المستقبلية المحتملة. وتأخذ بكثير من العناية المستخدمين والاقتصاد والمجتمع والعلاقات بين كل هذه العوامل. ومع أن هناك مبالغة في أسعار الأراضي، إلا أن ما يبعث أكثر على إحساس المستثمرين بالمرارة وربما الغبن هو تلك العلاقة غير المتناسقة بين نظام ارتفاعات المباني وأسعار الأراضي. حيث ترتفع أسعار الأراضي بشكل كبير على بعض الشوارع الرئيسة المهمة في الوقت الذي تحدد فيه ارتفاعات المباني على هذه الشوارع حسب أنظمة البناء التي تحددها الأمانات والبلديات بشكل منخفض (بعضها لا يتجاوز الدورين فقط). وهذا يجعل الاستثمار خسارة ويقلل بشكل كبير من نسبة العائد على رأس المال المستثمر في شراء هذه الأراضي. أو يرفع أسعار الاستخدام النهائي كالإيجار حتى يتم التوازن بين رأس المال المستثمر وعوائد هذا الاستثمار، وفي هذا تأثير في المستخدم النهائي.
في الوقت نفسه، لم تعد الحدود واضحة في الأحياء السكنية المخصصة لبناء الوحدات المنفردة في كل أرض، حيث يتم بناء عمارات سكنية متعددة الوحدات على الشوارع العريضة. وهو ما يرفع نسبة الكثافة السكانية في مكان لم يخطط لذلك، ويؤثر في البيئة السكنية، وتزدحم الشوارع بالسيارات لتبدأ دورة البحث عن مكان سكن أكثر تنظيما. وإذا كنا ننادي بمراجعة أنظمتنا والتغيير متى ما كان التغيير مطلوبا، إلا أن تغيير ارتفاعات المباني في الأحياء السكنية يعد من باب تغيير القرارات التخطيطية في الاتجاه السلبي. ويفاجأ الساكن بعد أن اشترى وانتهى من التشييد في حي سكني مصمم على أساس الوحدة السكنية الواحدة لكل أرض، بتغيير ارتفاعات المباني في الشارع المجاور لأنه أعرض من غيره. بينما يطالب المستثمرين بتغيير ارتفاعات المباني في الشوارع التجارية التي أصبحت رئيسة، ويكون التغيير مؤثرا، حيث لا يقتصر على زيادة دور أو رفع نسبة الملاحق العلوية. وتأتي الاستجابة لهذه المطالبات إما متأخرة أو قليلة التأثير.
إن النظر للتخطيط العمراني يجب أن يتم على المقياس الأكبر، حيث تكون جميع أطراف الصورة واضحة، فيتم الترتيب لأنظمة البناء بشكل يضمن العدالة للمستثمرين والراحة للمستخدمين. ويضمن التوازن بين الاستخدامات التجارية والسكنية والمكتبية والاستخدامات المختلطة. وهذا ما يحدث بالفعل، إلا أن الظروف المتغيرة في دورة حياة المدينة، هو ما يبعث على تغير الاستخدامات وحتى توجه الرغبات بالنسبة للمستخدمين. لذلك فإن تحديث أنظمة البناء المتعلقة بالشوارع الرئيسة بالذات تبعا لهذه المتغيرات ربما يؤدي إلى نوع من التوازن مثل ما حدث مع قطاع الأعمال الذي يقع بين شارع العليا وطريق الملك فهد في الرياض. وربما يكون في تطبيق المبدأ نفسه شيئا من العدل للمستثمرين الذين عليهم أسعار الأراضي في الشوارع الرئيسة المهمة في الرياض كشارع التخصصي مثلا، بينما بقيت ارتفاعات المباني كما هي مقررة عندما كانت هذا الشوارع قليلة الأهمية منخفضة التكلفة. وفي كل الأحوال، فإن أساسيات السلامة في المباني، خصوصا القائمة منها عند تعديل ارتفاعاتها واجبة التطبيق، ولا يجب أن يؤخذ الأمر بأقل من الاهتمام الذي يستحق من دراسات وتقارير فنية، ربما تغلب جدواها البناء من جديد على أن تتم زيادة الارتفاع على تصاميم لا تحتمل زيادة الأحمال.