السوق العقارية تحافظ على استقرارها في 2012 مدعومة بالطلب على المساكن
وضع الاقتصاد العالمي
مع نهاية عام 2011 وما تضمنه من أحداث سياسية واقتصادية، وبداية 2012 ما زالت الأزمة الأوروبية والأمريكية تشكل النطاق الأوسع من الجدل العالمي، فقد دعا ماريو دراجي، الرئيس الجديد للبنك المركزي الأوروبي، إلى ''نظام يعود فيه المواطنون إلى الثقة ببعضهم بعضا، وتتمتع فيه الحكومات بالثقة فيما يتعلق بالانضباط المالي، والإصلاحات الهيكلية''، محذرا من أن النمو الاقتصادي العالمي سيتراجع، على الرغم من أنه يمتنع عن توقع حدوث كساد في الاقتصاد العالمي.
إلى ذلك أكد الاتحاد الأوروبي الشهر الماضي أن اقتصاد منطقة اليورو حقق نموا طفيفا مقداره 0.2 في المائة في الربع الثالث، وأشارت توقعات التقارير الاقتصادية لعام 2012 إلى أن قيمة الديون السيادية المستحقة على دول منطقة اليورو خلال 2012 ستبلغ ما يزيد على 600 مليار يورو، منها 400 مليار يورو ستستحق على إيطاليا و200 مليار يورو على بقية دول المنطقة.
وقد أدى استمرار أزمة الديون السيادية إلى تباطؤ اقتصادي انعكس على معدل البطالة في الاتحاد الأوروبي، فقد وصل في عام 2011 في المتوسط إلى نسبة 9.9 في المائة وهي مستويات قياسية لم تشهدها المنطقة من قبل.
الرسم البياني المرفق يوضح ارتفاع معدلات البطالة من عام 2008 إلى عام 2011:
ولم يكن الاقتصاد الأمريكي بأفضل حالا من الاقتصادات الأوروبية، فقد أكدت وكالة أسوشييتد برس في استطلاع أجرته لكبار الاقتصاديين أن نسبة البطالة في الأجل القصير لن تهبط عن مستوى 8.6 في المائة الحالي.
إلا أن التفاؤل بنسبة النمو المستقبلية كان هو سيد الموقف في هذا الاستطلاع الذي شمل أكثر من 30 اقتصاديا في شركات خاصة وأكاديميين، حيث من المنتظر أن يشهد الاقتصاد الأمريكي نموا قويا بنسبة 2.4 في المائة عام 2012.
ولاستمرار التأثيرات السلبية لأزمة الديون الأوروبية والأمريكية في الاقتصاد العالمي، خفضت الأمم المتحدة توقعاتها بشأن النمو الاقتصادي العالمي، مبينة أن معدل نمو الاقتصاد العالمي سيصل في أفضل الأحوال خلال عام 2012 إلى 2.6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
الاقتصاديات السعودية والخليجية
في الشأن الخليجي، دعا خادم الحرمين الشريفين أعضاء دول مجلس التعاون الخليجي إلى الانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، ومعلوم ما للاتحاد من آثار اقتصادية وسياسية على المنطقة بأسرها، فقد طالب بعض الاقتصاديين الخليجيين بإعادة النظر في دول الاتحاد الخليجي قبل توحيد العملة الخليجية بسبب الظروف الاقتصادية غير المشجعة في الوقت الحالي لبعض الدول، واختلال المعايير الاقتصادية والتفاوت في الإنتاجية ومعدلات التضخم والنمو بين دول الخليج، التي ستؤثر بشكل كبير ومباشر في مسيرة العملة الخليجية، حيث من المعلوم أن التفاوت في معدلات النمو ونسبة التضخم والديون ستؤثر في دول الاتحاد الخليجي مستقبلا، كما هو الحاصل الآن في منطقة اليورو.
#2#
وفي أكبر اقصاد خليجي شهدت الميزانية العامة للسعودية تطورات كمية، فقد بلغت نفقات الميزانية العامة للدولة عام 2012 نحو 690 مليار ريال، بينما سجلت إيرادات عام 2011م مستويات قياسية، حيث فاقت 1110 مليارات ريال بزيادة 42.3 في المائة عما كان متوقعا في بداية العام، وذلك بسبب ارتفاع أسعار النفط لأكثر من 100 دولار للبرميل نظرا للأحداث التي تشهدها المنطقة، لكن هذه التطورات الكمية لم تصحبها تطورات نوعية أو هيكلية في برامج ومشاريع الإنفاق، كما أن النفط لا يزال يشكل نسبة 93 في المائة من الإيرادات العامة، وهو مؤشر على استمرار الاعتماد على مصدر واحد للدخل، وهذا مما لا يتواءم والخطط الاقتصادية طويلة الأجل لتنوع مصادر الدخل في اقتصاديات الدولة.
وأشار التقرير الصادر عن شركة جدوى للاستثمار إلى إمكانية انخفاض معدلات التضخم إلى متوسط سنوي يبلغ 4.4 في المائة عام 2012، وذلك بفضل تراجع الضغوط التضخمية من الخارج، واحتمال تراجع التضخم الداخلي بسبب هبوط معدلات نمو الإيجارات في القطاع العقاري.
وواصل الاقتصاد الإماراتي (ثاني أكبر اقتصاد خليجي) نموه فقد توقع اقتصاديون ارتفاع النمو في الاقتصاد الإماراتي عام 2012 إلى نسبة 4 في المائة مقارنة بنسبة نمو 3.5 في المائة عام 2011، وكذلك القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي مما يزيد من تنوع مصادر الدخل.
القطاع العقاري السعودي
أشار التقرير الصادر عن شركة سنشري العقارية أن قطاع العقارات في المملكة يحتل المرتبة الثانية في الاقتصاد الوطني بعد قطاع النفط، ويسهم بنحو 55 مليار ريال في الناتج المحلي الإجمالي، بنحو 9.5 في المائة من الناتج المحلي غير النفطي.
وقد ارتفع الناتج المحلي الإجمالي لقطاع العقارات بنسبة 50 في المائة خلال الفترة من 1999 إلى 2008 بمعدل نمو سنوي متوسط 5 في المائة.
ورغم ذلك فلا يزال الإسكان يشكل المساحة الواسعة من المتابعة الإعلامية فقد أكد ديفيد سميث في مشاركته في ورشة عمل عُقدت على هامش فعاليات معرض ومنتدى الرياض الدولي لتطوير المدن والاستثمار العقاري أن أمام السعودية ثلاثة طرق لتخفيض أسعار العقارات، هي: فرض الضريبة على الأراضي، إقامة مشاريع إسكانية خيرية لإسكان الفئات ذات الدخل المنخفض، والسماح بالتمدد الرأسي لتخفيض تكلفة الأرض من القيمة الإجمالية للمسكن الميسر
وتأتي المنطقة الشرقية في المرتبة الأولى من حيث الفرص والنشاط الحالي والمستقبلي، فقد استحوذت على 90 في المائة من المزادات العقارية التي أقيمت خلال الربع الأخير من العام الحالي 2011 في المملكة، وتأتي منطقة الرياض في المرتبة الثانية ثم منطقة مكة المكرمة.
إلى ذلك ما زال القطاع العقاري بانتظار إصدار بعض التنظيمات والقرارات المهمة لتنظيم هذا القطاع كنظام التمويل والرهن العقاري وفرض الرسوم على الأراضي البيضاء وغيرها من التنظيمات التي تساعد على أداء أفضل للقطاع العقاري.
وسجلت مؤشرات التداولات العقارية الشهرية نسبا متفاوتة بين مدن المملكة من حيث إجمالي القيمة خلال شهر المحرم كما هو موضح في الجدول التالي:
وتشير أكثر التوقعات إلى استمرار محافظة السوق العقارية خاصة في القطاع الإسكاني على مستويات الأسعار وأنشطة التداول خلال عامي 2012 و2013، ومع ذلك فقد تنبأ بعض الاقتصاديين والخبراء العقاريين بأن إصدار أنظمة الرهن والتمويل العقاري، وتطبيق الرسوم على الأراضي البيضاء، وسرعة استكمال بعض مشاريع الإسكان قد يلعب دورا معجلا لتراجع تضخم الأسعار ومستوى الأنشطة والمضاربات العقارية خلال الأشهر المقبلة.