60 عاما بحثا عن أرباح
ناقلنا الوطني، الخطوط السعودية، الذي نشيد بتقدمه الملموس في إعادة تجديد أسطوله، عاد مرة أخرى إلى شماعة أسعار التذاكر الداخلية بحثا عن مخرج يمكنه من تحقيق أرباح خلال تاريخ الخطوط الذي يمتد لـ 60 أو أكثر من السنين. الشعب السعودي كغيره من شعوب الدول المتقدمة يطمح دوما لمنظومات نقل متطورة داخل وبين المدن، ولن يقف عائقا أمام مبادرات تحرير القطاعات والأسواق طالما أنها ستأتي بخدمات مميزة تتناسب مع الأجور التي يدفعها لتلك الخدمات. الخطوط تشتكي مما تدعيه من تدني سعر التذاكر الداخلية، وفي الوقت نفسه هي لا تستطيع الإفصاح لوسائل الإعلام عن السعر الذي تدفعه مقابل لتر وقود الطائرات الذي يشكل اليوم نسبة تصل إلى 40 في المائة من التكلفة التشغيلية. الخطوط تريد وضع العربة أمام الحصان أملا في مخرج للإسراع بالعربة رغم معرفتها التامة أن هناك أولويات عجزت عنها فاتجهت نحو مخرج أسعار التذاكر الداخلية. المرحلة التي تمر بها الخطوط اليوم هي ما يعرف بالمتاجرة Commercialization أي نقل القطاع الحكومي إلى هيئة تجارية بحتة وهي المرحلة التي تسبق الخصخصة وما يصاحبها من طرح عام. مرحلة المتاجرة تقتضي أن تنشر الخطوط قوائمها كل سنة كي يتمكن القطاع الخاص أفرادا ومؤسسات من معرفة ربحية الخطوط السعودية قبل طرحها العام. اقترحت في مقال قديم أن يتم فصل الخطوط إلى ناقلين داخلي وخارجي، حيث يبقى الداخلي قادرا على الدعم الحكومي المقنن، أسوة بقطاعات النقل الأخرى، ويتفرغ الناقل الدولي لجمع قواه نحو منافسة الخطوط الأخرى في المنطقة، إن استطاع، كطيران الإمارات والخطوط القطرية. ولن يكون للناقل الدولي حينها أعذارا ومنها أسعار التذاكر الداخلية إن لم يحقق أرباحا لأنه يمتلك تشريعيا حجما كبيرا من الحركة الجوية منها وجهات كثيرة ذات عوائد مالية كبيرة. بالطبع لا تريد الخطوط هذا الحل وهو تكوين ناقلين داخلي وخارجي لأنه يكشف قلة حيلتها أمام عوائق لم تقدر عليها كحجم المصروفات التشغيلية والثابتة وترهل كادرها البشري وضعف إنتاجيته. لكننا نعرف اهتمام القيادة العليا بواقع صناعة النقل الجوي من خلال التغيرات الأخيرة وهي أول من يدرك أن الاستراتيجية القاطعة هي الحل الناجع للمؤسسات المتعثرة.