عالم الشغف!
ربما تلاحظ من حولك شغف الناس وولعهم بالشبكات الاجتماعية (تويتر - يوتيوب - فيسبوك)، حتى لا تكاد تخلو جلسة من تبادل ''البرود كاست'' ومقاطع الفيديو والأخبار المنشورة في هذه الشبكات، ولا غرابة في الأمر إذا ما لاحظنا نسبة النمو العالية لعدد المستخدمين للإنترنت في المملكة العربية السعودية، إذ بلغ بنهاية عام 2011م أكثر من 13 مليون مستخدم، أي ما يقارب 70 في المائة من السكان، ومن الطريف هنا اشتراك الشباب والأطفال وكبار السن في هذا الولع بالشبكات الاجتماعية، مما يعني شموليتها للجميع من الصغار وحتى الكبار، الأمر الذي يبرز التساؤل بشكل ملح: ماذا يحب الناس في الشبكات الاجتماعية؟
في الدراسة التي تمت على 200 طالب وطالبة كعينة عشوائية للطلبة الجامعيين في مدينة الرياض، توجهنا لسؤالهم عما يحبون في الشبكات الاجتماعية، كانت النسبة العظمى بما نسبته 67 في المائة يحبون فيها إشباعها لحاجتهم في التعرف على معلومات وتفاصيل إضافية للأحداث، وتبدو هذه النتيجة مبررة جداً إذا علمنا أن 81 في المائة من العينة أشاروا إلى رغبتهم في الحصول على فرصة للتعبير الحر عن آرائهم واتجاهاتهم؛ فهم متلهفون للحصول على المعلومة ومتلهفون أيضاً لنشر آرائهم فيها ومناقشتها بحرية أوسع.
وبالنظر إلى كون الإعلام الجديد إعلاماً تعددياً بلا حدود، فإنه أصبح يؤدي أدواراً جديدة كلياً تزيد من نسبة الانجذاب إليه وترفع من معدل الاستخدام، فالتطور الحديث في تكنولوجيا الاتصال يوفر للفرد كثيرا من الوسائل للتعبير وإبداء الرأي، إذ نجد أنه حتى مع تكثيف بعض الوسائل الإعلامية لبثّ رسائل إعلامية قد تتفق مع توجهاتها الخاصة، إلا أن الشبكات الاجتماعية تحل بديلاً إعلامياً مناسباً لبعض المستخدمين فتتيح لهم فرصة التعبير عن آرائهم ونشر ما يرغبون فيه من تفاصيل والمشاركة بالصوت أو الصورة في استقلالية وحري مطلقة.
فالشبكات الاجتماعية اليوم تجاوزت الدور الترفيهي إلى ما سواه، فهي تقوم بدور الناقل الجيد للأخبار والمعلومات وتتيح التفاصيل للمتابعين الذين يستهدفونها بشكل كبير لرغبتهم في الحصول على إعلام حر.
ويأتي نمو الدور الذي تلعبه الشبكات الاجتماعية في محيط عالمي يشهد حراكاً متسارعاً يعبر فيه الشباب من خلال الشبكات الاجتماعية عن آرائهم وينظمون فيها تحركاتهم واحتجاجاتهم فيما يسمى بالربيع العربي الذي تشهده المنطقة العربية منذ أواخر عام 2010، واحتجاجات ''وول ستريت'' العالمية، لكن هذا النمو المتزايد يطرح إشكالية مهمة: هل تفقد الشبكات الاجتماعية بانتشارها وذيوعها المصداقية والموضوعية كأبرز أدبيات الإعلام؟ أم أن الحفاظ عليها ممكن؟ وللحديث صلة.