أسباب تعثر المشاريع .. المقاول

المقاول طرف رئيس في تنفيذ المشاريع، وعليه تقوم غالبية المهام التي يجب القيام بها لإتمام المشروع، ولهذا فإن نجاح المشروع نجاح له، لكن نجاح المقاول لا يعني في كل الأحوال نجاح المشروع، إذ إن الظروف التي قد تكون سببا في تعثر المشاريع كثيرة ومتعددة، وقد لا يكون اللوم فيها على المقاول وحده. تعاقدياً، على المقاول أن يقوم بتنفيذ الأعمال محل العقد، ولهذا فإنه لا بد أن يكون جاهزاً بالموارد اللازمة التي تمكنه من تنفيذ بنود العقد. الموارد تشمل التمويل والموارد البشرية والفنية والإدارية والمعدات والمواد اللازمة للتنفيذ، وهي المهمة الأصعب والأكثر تعقيدا في توفيرها خصوصا مع كبر حجم المشاريع وتعدد مستويات وبنود التنفيذ فيها وتعقيد عملياتها والأنظمة الفنية التي تحتوي عليها.
من المشكلات الرئيسة التي تعانيها صناعة الإنشاءات سهولة دخول من يرغب فيها، حيث بإمكان من يريد أن يكون مقاولا، أن يكون كذلك بين عشية وضحاها، يجذبهم بريق الأرباح، وتساعدهم سهولة الأنظمة، وعلى هذا الأساس فإن كثيرا من المقاولين تنقصهم الخبرة أو المعرفة في هذا المجال، وهم يتعلمون من التجربة والخطأ؛ والضحية هي المشاريع التي تتعثر والخدمات التي تتأخر. في المقابل، فإن كثيرا من المقاولين حتى مع خبرتهم في المشاريع، تنقصهم أدوات الإدارة التي تحكم هذا القطاع، فالمنافسة في الأسعار كبيرة، وقد لا يكون التسعير على أساس دقيق فيتأثر بذلك المشروع، وكثير منهم لا يهتمون بالتخطيط لأعمالهم، ولا يتبعون منهجيات إدارة المشاريع الأخرى في إدارة التنفيذ والمراقبة والتحكم. أما الإدارة المالية فهي السبب الرئيس في تدني قدرة كثير من المقاولين على إتمام مشاريعهم في الوقت المحدد وضمن شروط العقد. في الوقت الذي تعد فيه الموارد البشرية عنصر التحدي الأكبر للمقاولين في بلد لا يوجد فيه عمالة فنية محلية تعمل في هذا القطاع، مع مطالبة الجهات الرسمية بنسب صعبة التحقيق لتوطين الوظائف خصوصا للمقاولين الذين تزيد إعداد عمالتهم لكبر حجم عقودهم، أو مقاولي التشغيل والصيانة الذين يعتمدون على العمالة غير المحلية بشكل كبير. فالمطلوب من المقاول أن يقوم بالعمل، في الوقت الذي لا يمكنه فيه الحصول بسهولة على من يقوم بهذا العمل، وهي معادلة صعبة للغاية.
التخطيط الاستراتيجي عند غالبية المقاولين ضعيف إن لم يكن غير موجود. ومع أن نظام تصنيف المقاولين يهدف إلى إسناد المشاريع فقط إلى من يمكنه القيام بها. إلا أن غالبية المقاولين يحصلون على أعمال كثيرة (حتى لو كانت ضمن تصنيفهم) أو كبيرة الحجم، حيث لا يمكنهم تنفيذها لعدم توافر الإدارة أو الخبرة أو الموارد الكافية لذلك، ويستعينون بعمالة غير ماهرة أو بمقاولين من الباطن ليكون دورهم إدارة العقد بدلا من تنفيذ بنوده. وهي مهمة فيها كثير من المخاطر، وغالباً ما يكون المشروع هو الضحية. والتخطيط عموما من الأدوات المهمة لنجاح المشاريع، لكن غياب الاهتمام به عند المقاولين يجعل المشاريع عرضة للتعثر إما لقصوره وإما لعدم وجوده من الأساس. والتخطيط يسبق التنفيذ، ويكون الأساس الذي تتم عليه مراقبة المشروع والتحكم فيه، ويشمل التخطيط للمشروع جميع عمليات التخطيط بشكل متكامل لنطاق المشروع وتكلفته وزمنه وموارده البشرية وجودته والاتصالات المتعلقة به وتوريداته ومخاطره، وكذلك التخطيط لما يتعلق بالسلامة والمطالبات الخاصة بالمشروع وبيئة المشروع وإدارته المالية، وذلك على أسس محددة ومعروفة للمختصين في إدارة المشاريع. فهل كل المقاولين يقومون بهذا؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي