تويتر .. هل يصنع التغيير؟
يبدو أن ''تويتر'' قد نال نصيب الأسد من أحاديث الناس واهتماماتهم في الفترة الأخيرة، فعلى الرغم من إتاحة الخدمة منذ عام 2006 إلا أنه لم يحظ بالانتشار والاستخدام (الشعبي) إلا في السنوات الثلاث الأخيرة وخصوصاً في المنطقة العربية، ويمكن ملاحظة ذلك عبر تغيير السؤال النمطي الذي يقدمه ''تويتر'' للمستخدم في خانة الكتابة فقد كان السؤال فيما قبل 2009 عن: ماذا تفعل الآن؟ فتحول إلى ''ماذا يحدث؟''. والتغيير في السؤال يعكس التغير الكبير في آلية ونمط الاستخدام، فلم يعد مجرد تدوين ذاتي بل تجاوزه إلى الحديث عن المتغيرات والمستجدات بشكل عام.
وبحسب تقرير أعدته ''جوجل'' بالتعاون مع tns للأبحاث، فإن الفرد السعودي يقضي أكثر من ساعتين يومياً في الإنترنت؛ إذ إن 70 في المائة منهم يستخدمون الإنترنت و65 في المائة منهم يستخدمون الإنترنت عن طريق الهواتف الذكية، ووفقاً لهذه الأرقام فنحن أمام مجتمع يعمد إلى الإنترنت والشبكات الاجتماعية بشكل يومي ومكثف ويتناول من خلاله معلوماته.
كل هذه المعطيات تشي بأننا أمام تحد كبير تفرضه وسائل الإعلام الجديد وتطرح السؤال بشكل ملح أكثر من أي وقت مضى: هل يصنع ''تويتر'' التغيير؟ وهل يمكن قيادة الرأي العام من خلال الشبكات الاجتماعية عموماً و''تويتر'' بشكل خاص؟
والحقيقة أن الجواب عن هذا يتطلب مراجعة نمط الاستخدام في السعودية، فرغم شيوع استخدام الشبكات الاجتماعية لدى الشباب خصوصاً إلا أن كثيراً منهم يستخدم الشبكات الاجتماعية استخداماً اتصالياً بحتاً يتيح له التواصل الاجتماعي ومعرفة الأخبار دون طرح الرأي أو نقاشه، بل ويتواجد الكثير من خلال أسماء مستعارة غير حقيقية، فبحسب دراسة تمت على عينة من مجتمع الطلاب الجامعي في الرياض، تبين أن المستخدمين لأسمائهم الصريحة في الشبكات الاجتماعية لم يتجاوز عددهم 29 في المائة من الطلاب و23 في المائة من الطالبات، وهذا في تصوري يعكس ضعف الثقة وتأخر نضج الوسط الاتصالي الاجتماعي في السعودية.
وبقراءة سريعة لمجتمع ''تويتر'' تحديداً تجد أنه ولضخامة عدد المنتسبين له بدأ يأخذ منحى التشبيك الاجتماعي فيما بين المجموعات ذات الاهتمامات المتشابهة فصار لكل مجتمع متقارب الميول أسلوبه الخاص وأفراده المتقاربين والمتحاورين فيما بينهم دون مساس بالمجموعات الأخرى إلا فيما ندر، فتفتت الجمهور إلى مجموعات هو دليل قاطع على أن اهتمامات جمهور ''تويتر'' متفاوتة، فلا يكفي مراقبة عدد المنضمين لـ ''تويتر'' للحكم على ارتفاع مستوى الوعي، فقائمة المُتابعين الخاصة بك لا تعني قائمة صديقك وبالتالي هو لا يتعرض للأخبار والمعلومات والآراء نفسها التي تتعرض لها، وهذا يعني بالمحصلة أنه لا يمكن الاستدلال على انتشار الوعي العام بارتفاع عدد المشاركين بالشبكات الاجتماعية، فالشبكات الاجتماعية مجرد (أداة) والأهم هو النظر في ورائية الأداة وهي الثقافة المحركة.
فالإعلام الجديد هو (جديد) من حيث الأداة و(بديل) من حيث المضمون؛ فأبرز مزايا هذا الإعلام هي في قدرة الأفراد على القيام بدور المؤسسات والتنظيمات الإعلامية الكبرى من حيث تمكين المواطن الصحفي وقيام الفرد بدوره الإعلامي؛ وحينها يمكن الحكم على مجتمعات الإعلام الجديد بأنها مجتمعات مدنية افتراضية.
لذا يحسن التركيز على ثقافة الإعلام الجديد - البديل، والنظر إلى (الثقافة) وتحفيزها لا مجرد الانبهار بـ (الأدوات) فعلى الثقافة والمشاركة الشعبية يكون الرهان في إحداث الوعي المأمول.