ارحل يا «ساهر» ارحل

ها هو ''ساهر'' الذي أقبل بخيله وجنده ومخترعاته، وأقضّ مضاجعنا نحن المتهورين، فأصبح لا يمر بنا يوم أو أسبوع حتى نحصد من فلاشاته المبهرة صورا تذكارية رائعة تشل عقولنا وجيوبنا، وأصبحنا نحن المتهورين، نقبض الراتب ونحسب كم سنقتص منه لسداد ''ساهر'' الذي دخل علينا رغماً عن إرادتنا وأصبح إلى جانب الإيجار والكهرباء والماء والهاتف، وأمسى جزءا من المصروفات الرئيسة لنا، وصرنا نعيش هما آخر في حياتنا ألا وهو ''ساهر''، وذلك ما جنته علينا أيدينا، فكيف نعيش بلا ''ساهر''؟
ألم يكن ''ساهر'' هذا النظام الدخيل الذي تم إنشاؤه من أجل حماية أرواحنا وأرواح من يتصادف وجودهم في طريقنا؟ ألم نكن نحن السبب في تهيئة البيئة المناسبة له ليقيم بيننا وينشئ تجارته بيننا وفي بيئتنا؟ لكن مهلا مهلاً! من الذي أوجد له البيئة المناسبة ليعيش بيننا ويمتص جيوبنا.. مَن .. مَن؟
والجواب بلا شك ولا ريبة هو نحن .. نعم نحن الذين فتحنا له بيئتنا ليعيش ويسترزق منها، بعد أن عجزت كل أنواع العلاج لكبح جماحنا والتحكم في سرعتنا، وطبعاً نحن ونفوسنا الأمارة بالسوء نصب دائماً غضبنا وسخطنا على هذه الآلة ومن يعمل فيها، فتارة نقوم بكسر أجهزتها أو إحراقها، ووصل الأمر إلى قتل الموظف المأمور بإدارتها، أو كتابة ألفاظ بذيئة عنها وعمن يشرف عليها، وتحميلها مسؤولية الظروف المالية التي نعيشها، وغير ذلك من الاعتراضات غير المبررة التي لا تسمن ولا تغني من جوع.
وبعد هذا كله كيف يمكن أن نتخلص من ''ساهر'' بطريقة نظامية وناجحة ونحيل الشركة التي تديره إلى التقاعد؟ تعالوا معاً لنتحدث بمنطق ونعمل خطة للتخلص من ''ساهر''، وبالتالي ندفع الشركة المشغلة للاعتذار عن عدم تشغيله بعد تكبدها خسائر فادحة في هذا المشروع، نعم أليس هدفنا التخلص من ''ساهر'' وحفظ أموالنا وقبل ذلك أرواحنا، بحل بسيط للغاية لو طبقناه لمدة عام واحد لأقفلت الشركة أبوابها ولتخلصنا من فلاشات ''ساهر'' التي أعمت عيوننا إلى الأبد .. نعم إليكم الحل وهو الحل الوحيد الأكيد ألا وهو سلاح المقاطعة الذي نجح في كثير من التطبيقات وفعل مفعوله الأكيد في تحقيق ما نصبو إليه.. لكن السؤال الذي يطرح نفسه: كيف نقاطع ساهر؟
إن مشروع مقاطعة ''ساهر'' تتلخص في أن يعمل جميع السائقين بكل فئاتهم وأنواعهم على تنويم فلاشات ''ساهر'' لمدة عام مثلاً، لكن كيف يمكن أن يتحقق ذلك؟ الجواب أن يتوقف الجميع عن تجاوز السرعة المحددة ويصر على ذلك إصرارا شديداً ويكبح جماح رغبته في السرعة، عندها تتوقف الفلاشات عن العمل، وبالتالي يتوقف إيراد الشركة المشغلة، ويصبح هذا المشروع بلا إيرادات، ما يؤدي بالشركة إلى الاعتذار عن عدم تشغيلها المشروع بسبب توقف الإيراد، وأن السائقين التزموا بالسرعة المحددة وأصبح هذا الالتزام يجري في دمائهم وأنه لا داعي لتشغيل هذا النظام ما دام لا يغطي تكاليفه.
وهذه الخطوة إذا اتفق الجميع على العمل بها فوراً، ينتج عنها الكثير من النتائج والفوائد للمجتمع والبلاد والعباد ألخصها فيما يلي:
1- تحقيق أهداف الدولة في الحد من سرعة السائقين.
2- المحافظة على الأرواح والممتلكات التي ضربت الأرقام القياسية في بلادنا.
3- حماية جيوبنا وميزانياتنا من المصروفات التي لا لزوم لها ولا نرغبها إلى الأبد.
4- تعلم ثقافة أن أصلح حالي بنفسي بدلاً من أن يصلح حالي الغير ويقبض ثمن إصلاحي.
5- رحيل ''ساهر'' من حياتنا إلى الأبد، وتحقيق أجمل هدف يسعى إليه كل من نفض جيبه من أجل ''ساهر''.
والله من وراء القصد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي