المرور بين الحكومي والخاص!
على ما يبدو هنالك إجماع على أن جهاز المرور في منطقة الرياض أصبح يعاني ما يشبه موتا دماغياً، فكانت لقطة نائب أمير الرياض في إسعاف المتضررين من الحادث الذي وقع بالقرب من الحي الدبلوماسي مشهداً يستحق الإعجاب والتعجب في الوقت نفسه، فالإعجاب من حسه الوطني وحرصه على إسعاف المتضررين وكذلك المسارعة في فك الأزمة المرورية التي سببها التجمهر وحب الفضول لدى الكثير من الناس.
وهنالك تعجب وسؤال يطرح نفسه: لماذا نحن متخلفون جداً في فك الازدحامات المرورية، وكذلك البطء في إسعاف المصابين؟
لا يبدو أن جهاز المرور لدينا يحقق تقدما يذكر أو يتجاوب مع ما يكتب في الصحف حول الأداء المتراجع لذلك الجهاز المهم! كنا قديماً نرى أن الضباط هم من يحررون المخالفات عند قطع أي إشارة، وكان لديهم حماس وإخلاص منقطع النظير على الرغم من قلة عددهم. لا أدري الآن لماذا لا نراهم إلا في بعض المواكب الرسمية ونحوها، ففي جميع دول العالم معروف أن رجل المرور مكانه في الشارع لأنه هو ميدان عمله، وهو بمنزلة العيادة للطبيب ولا يمكن أن يكون الشارع عيادة للطبيب، كما لا تكون العيادة مقراً لرجل المرور.
لقد أصبحت عملية تحول التحقيق في الحوادث المرورية وكتابة التقارير المرورية، التي يفترض أن يقوم بها أفراد المرور أنفسهم، إلى شركة خاصة، ينطبق عليها المثل الشهير، كالمستجير من الرمضاء بالنار، فقد يصل وقوف انتظار الحوادث البسيطة أكثر من ساعتين ويتسبب ذلك في أغلب الاختناقات المرورية. الحل يجب ألا تبقى السيارات المتصادمة أكثر من 15 دقيقة في مكان الحادث، وهذا ما لم تحققه شركة نجم حاليا، لذلك لا بد من وجود شركات منافسة ومساندة تقوم بالتسابق في تحقيق هذا الهدف بجودة أعلى، كما يجب أن يبقى لرجل المرور دور، ولو بأن يجعل لشرطي المرور حافز مادي، يكون بديلا للخدمة التي يقدمها بفك الاختناقات المرورية التي تتسبب فيها حوادث السيارات، وذلك بأن يعطى مكافأة عن كل تقرير مروري يقوم بكتابته حول حادثة مرورية وهو ما سيجعل رجال المرور يتنافسون في سرعة الإنجاز، ومثل هذا المبدأ تعمل به كثير من الدول المتقدمة.
من الحلول للاختناقات المرورية، وبالأخص في الطرق السريعة، الاستفادة من التقنية الحديثة، وهو ما شاهدته في إحدى حلقات برنامج خواطر في إسطنبول في تركيا، حيث هنالك كاميرات في الطرق السريعة تعمل على مدار الساعة، تصور الحادث، وتوضح من المتسبب فيه. لذا فليس على أطراف الحادث الانتظار وأن يتركوا سياراتهم في مكان الحادث تعطل حركة السير، بل يقومون بركن سياراتهم في مكان آمن، والاتصال بالمرور، الموجود دائماً بكثافة في الطرق السريعة.
جهاز المرور يجب أن يظل دائما مؤسسة حكومية في أساسه، وفي حالة إسناد بعض المهام لجهات خاصة مثل: (ساهر) و(نجم)، ينبغي للمرور الإشراف والرقابة اللصيقين، وأن يكون العمل المروري ميدانياً في غالبه، وليس مكتبيا.