الضرب والحرق .. ما زال البعض يراهما علاجا للمرض النفسي

إن التكيف دائما مع أحداث الحياة وتقلباتها وضغوطها يحتاج إلى مجموعة عالية من المهارات الشخصية التي يتحلى بها الإنسان ويكون جزء منها موروثا، حيث إن القابلية للقلق مثلا هي أمر موروث، أما الجزء الآخر فهو مكتسب من البيئة التي ينشأ بها الإنسان تلك البيئة التي تعلم الطفل بصورة غير مباشرة خطوات تحمل القلق وتجاوز المشكلات، علما بأن تعلم هذا الأمر لا يحتاج إلى قلم وورقة من قبل الأسرة لتعلم أطفالها ذلك، ولكن الأمر يعتمد على التقاط السلوكيات من الآباء بصورة تلقائية وفي الحقيقة أن القلق هو الأرض الخصبة لجميع الأمراض النفسية، حيث إن بذرة القلق وبلا جدل قد تشعل الاكتئاب والخوف وكثيرا من الأمراض النفسية بل والعقلية أحيانا لمن لديهم استعدادات وراثية، لذلك بمعنى أن الجميع معرض عن طريق ضغوط الحياة إلى أن يكون مريضا نفسيا ولا أحد بعيدا عن هذا الاحتمال فكلما كانت ضغوط الحياة شديدة ارتفعت معها آليات الفرد للتكيف مع الأحداث وهو شيء طبيعي أوجده الله ـــ عز وجل ـــ من أجل حفاظ الإنسان على صحته النفسية والجسمية ومع ذلك فإن هناك حدودا من الضغوط لا يستطيع الإنسان التكيف معها، وبالتالي يصاب الإنسان من آثارها بالقرحة في المعدة والقولون وارتفاع ضغط الدم والسكري، كما أن هناك من الضغوط النفسية ما يؤثر في الإنسان فيحول من إنسان صحيح نفسيا إلى إنسان مريض نفسيا يحتاج إلى مجهود خارجي من أجل تصحيح وضعه النفسي وهو ربما يلجأ إلى أحد أصدقائه أو أقاربه وربما يذهب إلى إخصائي نفسي ليخبره بمأساته ويطلب منه حل مشكلته.
ولعل الوقت المعاصر كفيل بحدوث أنواع من الأمراض النفسية في ضوء غياب لغة الحوار والتفاهم في بعض الأسر، حيث يعتقد البعض أن الأسرة هي مكان للنوم والطعام ولا علاقة لها بأي شكل من الأشكال بتنفيس الضغوط هذا جانب، أما الجانب الآخر لسيطرة الضغوط النفسية على الفرد عدم إيمان الكثيرين بدور الإخصائي النفسي وإدراك الفرق بينه وبين الطبيب النفسي واعتقاد أن بديل تلك الأدوار هو لا بد أن يكون المشعوذ الذي يستخدم الكي والحرق والصراخ والضرب بهدف العلاج بل وتكبد مبالغ طائلة من قبل أهل المريض في ضوء غياب عامل الوعي وكم هي النماذج من حولنا مختلفة وها هي وسائل الإعلام تنشر بين حين وآخر خبر القبض على مشعوذين يوهمون الناس بإخراج الجن ويعتبرون أن المرض النفسي هو من صنع الجن الداخلي في الإنسان والسؤال .. إلى متى لا نعي حقيقة المرض النفسي؟!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي