تهنئة خاصة للأميرين
سعدنا جميعاً بصدور القرارين الملكيين الكريمين بتعيين وزير الدفاع الأمير سلمان بن عبد العزيز ولياً للعهد، وتعيين الأمير أحمد بن عبد العزيز وزيراً للداخلية، نسأل الله لهما العون والتوفيق على هذا التكليف.
الأمير سلمان خلال مسيرته الطويلة في حكم أكبر منطقة إدارية وسكانية في المملكة، وتعامله مع أطياف متنوعة من الشعب السعودي، يعد خبرة إدارية وثقافة شعبية، جعلت منه الرجل المناسب لولاية العهد، في مرحلة مهمة من تاريخ المملكة. لقد كان الأمير سلمان متميزاً في الإدارة الجماهيرية، حيث أصّل سياسة الأبواب المفتوحة التي تتجاوز البيروقراطية الحكومية، وكان لفترة طويلة يخصص جلستين يوميتين لهموم المواطنين، يستمع فيها لشكاواهم وحقوقهم. لقد كان هذا الأسلوب، هو الأمثل للإدارة في بلدنا، لمتابعة مدى التزام الدوائر الحكومية بخدمة المواطنين.
خلال رحلته العلاجية الأخيرة قبل وفاته، كان الهم الأكبر لدى الأمير نايف - رحمه الله - وحسب وصيته لوزير العمل المنشورة في هذه الجريدة، الحرص والتشديد على تمكين الشباب السعودي في سوق العمل. هذه الوصية تعد من أهم الأمانات التي حملنا إياها الفقيد الراحل، بل هي مطلب وطني، وهنا تكمن أهمية اضطلاع شخصية مثل ولي العهد الأمير سلمان بهذه الأمانة، وهو المتابع لكثير من هذه التفاصيل، لما كان حاكما إداريا لمنطقة مهمة، مثل الرياض.
يجب أن تكون هناك خطة واضحة المعالم لحل مشكلة بطالة الشباب والشابات، من خلال تعزيز فرص العمل الحر، وقد نسب إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - قوله: (تسعة أعشار الرزق في التجارة). هنالك أكثر من 100 مليار ريال مسجلة تحولها العمالة الوافدة سنويا، من خلال سيطرتهم التامة على تجارة التجزئة والبقالات. تجربة سعودة محال الخضار، قبل أكثر من عشر سنوات حققت مردودا طيبا على المواطنين، حين استطاع بعض السعوديين بناء أسر وتأسيس بيوت، نتيجة لذلك القرار، رغم عدم تطبيقه كاملا والتقيد به الآن!
كم نحن في حاجة ماسة جداً إلى جعل أسواق البقالات ومحال التجزئة وجميع المحاسبين في المحال الكبيرة تدار بكوادر سعودية، وهذا لا يتم إن لم يطبق النظام 100 في المائة، خصوصاً أن منافسة الوافد في إقصاء السعودي منظمة وشرسة حتى إن كان وجود الوافد رمزيا. إن الأمل في أن يحقق ولي العهد الأمير سلمان وصية الأمير نايف - رحمه الله - في تمكين الشباب السعودي من الحصول على عمل، يتطلب تكاتف الجهود، ووضعها في سياق واحد، وهو المتوقع من رجل بخبرة الأمير سلمان.
هنيئاً لوزارة الداخلية بأن يكون الأمير أحمد بن عبد العزيز وزيراً لها، فقد تتلمذ على يد خلفه الراحل، كما اتصف بحسن الخلق والصدق والحزم. غير أن التجربة الأمنية الغنية، للأمير أحمد تجربة قد لا يعرف عنها كثير من الناس. لقد كان تنفيذه ومتابعته لأمر خادم الحرمين في حماية البيئة السعودية من التلف، دورا مميزا ومشكورا، حيث أصّل قواعد جيدة وفاعلة لحماية البيئة، فهو بحق يعد رجل البيئة الأول في المملكة.
نظراً لزيادة عدد السكان والوافدين، هنالك حاجة ماسة إلى تطوير قطاع الشرطة، فكم نتمنى أن يكون هدف المرحلة القادمة إنشاء مبان خاصة للشرطة وأن تنتهي مرحلة المباني المستأجرة، وكما صرح الأمير أحمد منذ شهر أن الوزارة بصدد تفعيل دور العسس (الحراسة الليلة)، فقد يكون مناسباً أن تفعل حلقات التعاون بين المواطن الذي يجب أن يكون رجل أمن، وبين الشرط والهيئات، حيث إن أكثر ما يحتاج إليه المواطنون، هو سرعة استجابة رجال الدولة في حالة إبلاغهم، وهذا يسمى في الدول المتقدمة الجار المراقب لبيت جاره (Neighborhood (watching، فهذه لو فعلت لوفرت على الدولة الكثير من الجهود وجعلت المواطن رجل أمن وعين الدولة في الميدان. الثقة الملكية بتعيين الأمير أحمد وزيرا للداخلية كانت محل ارتياح للجميع بقدرته على قيادة أكبر وزارة خدمية.
ختاماً نتمنى من الله أن يمنّ على الأميرين بالصحة والعافية وأن يبارك في أوقاتهما ويجعلهما خيرا لهذا البلد وأهله.