كل ما يهدد الوحدة الوطنية .. جريمة

أكبر نعمة منّ الله بها على هذا البلد، هي نعمة الوحدة، وتوحيد هذا الكيان. لذا يمكن تلخيص حياة الملك عبد العزيز، رحمه الله، في جملة: ''رجل التوحيد''. البعض، إن لم يكن أغلبنا، لا يعرف حال المملكة قبل التوحيد. لقد حدثني من هم على قيد الحياة في تلك الفترة أنهم كانوا لا يمشون من منطقة إلى أخرى متوجهين للحج، إلا ومعهم حماية من بعض أبناء قبائل المنطقة خوفاً من السرقة، وإذا ما وصلوا إلى الحجاز فعليهم دفع ضريبة لوكيل الشريف ليكونوا بعدها تحت حمايته حتى يخرجوا من مكة.
روجت بعض المحطات الخارجية قبل أيام، أن إلقاء القبض على داعية الفتنة والانفصال نمر النمر، إجراء طائفي! هل هم جادون في ذلك؟ وهل استمعوا إلى خطبه التي تمادى فيها؟ ليس بالسب الذي طال حتى الأموات، وهو قباحة وجريمة، لكن الذي يهمنا، أنه يدعو إلى الانفصال وتفتيت المملكة. لقد تطرق إلى وحدة هذا البلد، التي ينظر إليها جميع السعوديين، على أنها من الخطوط الحمراء التي لا يمكن تجاوزها. إن دعوته للانفصال عن الدولة السعودية، واستقواءه بإيران وعملائهم، من حزب الله وميليشيات إيران في العراق، ودعمه المطلوبين ممن جندوا أنفسهم لخدمة أعداء هذا الوطن، كل ذلك وغيره هي من الأمور المخلة بالأمن، لا علاقة لها بالطائفية.
بل والله لو أن نمر النمر كان في الأحواز، وطالب باستقلال الأحواز المحتلة، لعُلق على المشانق هو ومن معه. كم كنت أتمنى أن نفكر جميعاً كيف هي أحوال العراق بعد الاحتلال الإيراني، الذي تحت عباءة الدين، فعل الموبقات، وتستر بحب آل البيت، وأخفى حقده الفارسي.
من الخطوط الحمراء التي هي امتداد لدعوات التقسيم والانفصال الطائفية، الدعوة للمناطقية، حيث لوحظ ومن خلال الانفتاح الإعلامي على شبكات التواصل سماع أصوات تنادي بأفضلية منطقة على أخرى، بل وصل الأمر ببعضهم إلى أن دعا إلى فصل بعض المناطق. هذه الدعوات يجب ألا نسمح لأحد بأن يفكر فيها حتى مع نفسه، فضلا أن يجاهر بها، أو يدعو إليها، لأنها خيانة لوحدة البلد والبيعة التي في الأعناق.
المنطق نفسه نلاحظه في دعاة القبلية، حيث نشاهد إرهاصات ذلك لدى بعض طلاب المدارس، فقد تجد بعضهم يكتب على سيارته أو على جدار المدرسة رقما أو شعارا أو مقولة يفضل فيها قبيلته على سائر القبائل، في تكريس سيئ للولاء للقبيلة على حساب الوطن. الأسوأ من ذلك والأمر أن بعض (قنوات الجهل) التلفزيونية تتباهى بإثارة النعرات القبلية، مستغلة مناسبات هي الأخرى شكل من أشكال تكريس القبلية المقيتة والتنافس البدائي.
خلاصة القول، كم نحن في حاجة إلى التماسك واستشعار الخطر الخارجي، وليس رفع الشعارات وإطلاق الدعوات، التي تمزق وحدة البلد، التي قامت على دماء الرجال وتضحيات الكبار من الآباء والأجداد. لذا، لا بد من وضع ميثاق وطني واضح، يجرم من يحاول إثارة النعرات بكل أصنافها، خاصة تلك التي تغذى وتدعم من قوى خارجية معادية للمملكة، وتسعى إلى تفتيت وحدته، ليسهل لها تمرير مشاريعها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي