رسالة إلى الابنة «مها» ومن هم على فكرها

الإنسان المنصف السوي يقدر للمملكة العربية السعودية قيادة وشعبا ما وصلت إليه من تنمية في مختلف مناحي الحياة، وما نعيشه اليوم من تنمية اجتماعية واقتصادية وسياسية وثقافية وتعليمية لا يجحدها إلا جاهل أو حاقد، ومع أننا جميعا نسعى إلى الأفضل إلا أن هذا الأفضل يجب ألا يقلل من حجم العطاء والإنجاز والتنمية التي تحققت خلال حقبة قصيرة كنا قبلها نعيش مرحلة من التخلف في كل مناحي الحياة، بينما دول وشعوب أخرى وصلت إلى ما نحن فيه اليوم عبر عقود من الزمن ونحن حققناها خلال سنوات بسيطة تقاس بأعمار الشباب منا.
إن النهضة التنموية التي تعيشها المملكة اليوم وطموحات القيادة السعودية التي تعمل من أجل تحقيق المزيد من القفزات التنموية في كل المجالات مع الاحتفاظ بالمنهج الرباني والسنة النبوية كعقيدة ومنهج حياة وسلوك عمل وهو ما نرى أثره الإيجابي في تعاملاتنا وعملنا اليومي وخططنا المستقبلية.
هذه الخاطرة التي قفزت إلى الذهن في هذا الوقت جاءت بعد حوار هامشي مع إحدى بناتنا المبتعثات للدراسة خارج المملكة، التي أوضحت الكثير من الرؤى السلبية عن المملكة والحياة فيها، إلى آخر القصة التي نسمعها من بعض من لا يستطيعون أن يروا الصورة الكاملة للتنمية الشاملة التي تعيشها المملكة، والتي تمر في مرحلة تاريخية غير مسبوقة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز والمرتكزة على الاهتمام ببناء الإنسان وتحقيق الاستثمار الشامل في تعزيز القدرات البشرية من خلال التعليم والتدريب والتأهيل، وليس أصدق ولا أوضح من وجود أكثر من 120 ألف مبتعث من السعوديين في مختلف دول العالم وانتشار الجامعات والكليات والمعاهد الحكومية والأهلية في كل المناطق وأغلب المحافظات والمراكز، إضافة إلى الاهتمام بدعم تلك الجامعات والكليات بالكفاءات السعودية، والتعاقد مع الكفاءات العالمية لمعالجة النقص الحاصل في توفر الكفاءات السعودية.
إن إصرار البعض منا، خصوصا الشباب وتكرارهم النقد غير البناء والصحي للأوضاع في المملكة مع كل ما يقدم من جهود هو نقد في غير محله، خصوصا عندما يصدر من طاقات بشرية سعودية شابة، عمل على تأهيلها بالدراسة والتدريب في أفضل الجامعات العالمية لتعود من أجل المشاركة الإيجابية في وطنها المملكة العربية السعودية وتعمل يدا بيد مع الجميع من أجل الارتقاء بهذا الوطن نحو مصاف الدول العالمية المتحضرة دون المساس بعقيدتنا الإسلامية أو قيمنا العربية الأصيلة، لأن التمسك بهما هو دليل قدرتنا على التقدم والرقي دون التأثير السلبي عليهما.
إن مهمتنا جميعا رجالا ونساء، شبابا وشابات هو العمل من أجل تطور وتقدم ورقي مجتمعنا نحو ما يحقق الرفاهية والتنمية والاستقرار الإيجابي التي يدعو لها دائما ويؤكد عليها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وهذه المهمة لا يمكن أن تتحقق إلا بالعمل الجاد المثمر المدعوم بالتعلم السليم والرغبة الصادقة لتوجيه كل ما تعلمناه وما مارسناه من أعمال وتجارب من أجل هذا الهدف النبيل، وهو الارتقاء بمجتمعنا نحو الأفضل في كل المجالات.
لقد كتبت وذكرت كثيرا أن من أسهل الأمور هو النقد ولعن الظلام، ولكن الأصعب هو العمل الجاد المخلص والعمل من أجل إيقاد ولو شمعة في النفق المظلم، لأننا عندما نعمل جميعا من أجل الإصلاح والتنمية وفق رؤية واستراتيجية وطنية مشتركة فإننا، بإذن الله، سنحقق النجاح والتنمية المنشودة.
أخيرا لعل رسالتي هذه تتسع لتشمل جميع بناتنا وأبنائنا المبتعثين للدراسة في الخارج والداخل، وأيضا لكل مواطن ومواطنة سعودية ممن لا يستطيعون أن يروا ما نحن فيه من تنمية عمل لإعادة النظر وتصحيح هذه النظرة القاصرة عن الوضع في المملكة العربية السعودية، ثم العمل على تحقيق التطوير والتنمية الشاملة في كل مناحي الحياة حتى نحقق توجيه نبينا، عليه الصلاة والسلام، بقوله: ''مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى''.
ولعلي في هذه المناسبة أذكّر الجميع، وفي ضوء ما نراه اليوم في العالم من حولنا من قتل واغتصاب وسرقة وعدم أمان، بأن تحقيق البناء الوطني السليم يحتاج إلى جهود عظيمة وشاملة من الجميع، لأنه ليس هناك أغلى ولا أهم من وطن آمن مستقر لتعيش فيه قيادته مع شعبها مثل الجسد الواحد، تقبل الله من الجميع صيامهم وقيامهم وصلاتهم وسائر الأعمال الصالحة. عيد مبارك وكل عام والجميع بخير، ووفق الله الجميع لما يحب ويرضى.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي