كيف يستمتع الأبناء بحب الآباء لهم؟ (1)
لا تستغربوا العنوان،فالبعض لا يستمتع بحب الآخرين له،والبعض لا يعنيه سوى حبه لللآخرين دون أن يكترث ويهتم بمعرفة شعورهم.
صحيح أننا نعلم بأننا وبسبب الفطرة البشرية نرتاح ونسعد حين نجد من يحبنا،ولكن في ظل تواجد ظروف معينة،قد يصبح هذا الحب مشوها أو قد يكون وبالا على المحبوب ...
دعونا نتحدث عن الحالة الخاصة التي يشير إليها عنوان المقال،وهي الحب بين الوالدين والأبناء،وسنتناول الموضوع بخصوصية أكبر،حيث سننظر من زاوية الأبناء، لنرى هل يستمتعون بحب والديهم(الأب والأم)؟
وقبل ذلك هل يشعرون بحب تام تجاه آبائهم؟
وما الذي يريدونه من آبائهم ليحبونهم،ومن ثم يستمتعوا بهذا الحب؟
تعد الإجابة على هذه الأسئلة بمثابة فك رموز عنوان المقال أعلاه!!
للأبناء خصائص مختلفة تميزهم عن بعضهم البعض وذلك بحسب الجنس (ذكر أو أنثى) وبحسب عمره، وبحسب المعاملة التي تلقاها في سنوات عمره الأولى حيث أنها مؤثرة جدا، هذه الخصائص لا يعلمها الابن ولكن حري بالأب والأم أن يعْلمانها بعد أن يتعلمانها ليستطيعا معاملة أبنائهما وفق هذه الخصائص، ومن ثم يسهل على الأبناء محبة والديهم.
حين يتعرف الوالدان على خصائص كل مرحلة،ويلبي احتياجاتها فإنه يتحصل على محبة ابنه،بل ويشاهد ويلمس بأن ابنه مستمتع غاية الاستمتاع بهذا الحب وهذه العلاقة.مما سبق نستنتج أن استمتاع الأبناء بحب آبائهم وأمهاتهم يعود بالدرجة الأولى لفهم أدوارهم الأبوية،ولتعاملهم مع أبنائهم وفق هذا الفهم،فالبعض من الآباء يفهم ويعرف وينظر وقد يكون مهتما ومتحدثا في شئون الأسرة،ولكنه لا يطبق في تعاملاته مع أبنائه ما يردده من نظريات جميلة في التربية.
وحتى نكون مرنين،ونستطيع استيعاب وفهم كل الحالات،فلا بد أن نشير إلى أن الأبناء مناط بهم دور كبير في إصلاح حالهم والعيش بسلام مع الوالدين ومع أنفسهم ومع بقية أفراد الأسرة،وهم على حالين في ذلك:
الحال الأول، إما أبناء حضوا بآباء رائعين ولكنهم لم يستجيبوا لهذه النعمة ولم ينسجموا مع والديهم،ولم يبذلوا جهدا للتوافق مع فكر الأب والأم، ولم يرغبوا في تقديم تنازلات مؤقتة كي يكسبوا في نهاية المطاف الرضا والمتعة. وهؤلاء أيضا ليسوا على حال واحدة من حيث نصحهم وإرشادهم،فالصغار الذين لم يتأقلموا مع آبائهم الرائعين ربما كانوا يُجرون مقارنة مع آباء زملائهم،فيحتاجون منا أن نوضح لهم أن هناك الكثير ممن لا يملك أبا ولا أما أو لا يملك أحدهما؛ حتلى يعرف الطفل نعمة الله عليه،ومن كان منهم في بداية مراهقته ويرى بأن هذا الأب الرائع وهذه الأم الرائعة يعاملانه بقسوة،نُحيله إلى نتيجة الأمر الذي يظنه قسوة، فنقول له ألم ترى بأم عينك بأن اهتمامهما بك جعلك تحقق نتيجة جيدة في المدرسة وتصبح مميزا عن غيرك،ثم نطلب منه التأمل في بقية المواقف.
والأبناء الكبار هم الذين يلامون بشكل أكبر من غيرهم،حيث أنهم رزقوا آباءً رائعين، ولكنهم لم يحسنوا التعامل مع هاتين الجوهرتين التي منحها الله لهم.
وأرى بأنه يقع على عاتقهم تغيير فكرهم ومحاولة الانسجام مع الوالدين،والتقرب إليهما والوصول معهما لمنطقة الوسط،واستثمار مشاعر الوالدين لتحقيق القرب والتواصل الفكري مما يزيد من عاطفة الحب وإشعالها من جديد والإحساس بدفء المشاعر والاستمتاع بهذا الشعور الألِق.
فكونك محضيا لدى الآخرين يبهج النفس ويثير الدافعية للحياة ويجعلك تحب سنوات عمرك،وتفهم حقيقة معنى(الأمان والمتعة عن طريق الحب).
(يتبع) الأسبوع القادم..