كوبري الحرية
انتهى للتو برنامج في المرمى للمتميز بتال القوس، وفيه شاهدت الجزء الثالث من سلسلة تقارير عن محترفينا في أوروبا، وكان مع الأخوين صقر وعبد الله عطيف هذه المرة، وقبلهما كان صالح الشهري وعبد الله الحافظ. سعدت كثيرا برؤية لاعبينا يطبقون ''الاحتراف'' 24 ساعة وسبعة أيام في الأسبوع، والأجمل أن يتحول ذلك إلى أسلوب حياة بشكل طبيعي وسلس، يقول أحدهم (أذهب الصباح ''للدوام'' تمارين حديد، مسبح، محاضرات وعلاج طبيعي، وبعدها حصة التدريب الرئيسة، يادوب أمر السوق شوي وبعدها عالبيت أتعشى وأنام)، وحينما عرفت أن رواتب أبناء عطيف في عقد الاحتراف أقل من ألفي يورو شهريا، تبادر إلى ذهني سؤال: ما الذي يجبر هؤلاء على الهجرة لعمل شاق، في بلد بعيد، رواتبهم فيه أقل بعشر مرات ''على الأقل'' من رواتبهم فيما لو بقوا في ناديهم نفسه!؟
منطقيا لن يقبل أحد بعمل كهذا في ظروف مماثلة، إلا إذا كان ذلك مقابل مكسب خارج العقد!.
بدأ تداول مصطلح ''الاحتراف'' رسميا في بداية التسعينات واحتجنا إلى أكثر من عقد لنسمع عن بعض القوانين بين الفينة والأخرى، وها نحن نقفل العقد الثاني من الاحتراف ولا تزال لدينا قوانين وأنظمة تخالف أبجديات وبدهيات الاحتراف، بدءا بتحديد عدد المحترفين المواطنين،ومرورا بالمادة 18 ولائحة الانتقال البهلواني ''المقبورتين''، ونهاية بآخر هذه الفيروسات القانونية وهو إجبار اللاعب الهاوي على توقيع أول عقد احترافي مع النادي الذي مارس فيه هوايته، ولمدة ثلاث سنوات على الأقل!، في تشريع يخالف قوانين الاتحاد الدولي للعبة والتي تهدف للانتشار ورفع سقف الطموح للشباب حول العالم. وفي حال رغبت في الهروب من هذا المأزق الخانق، فكل ما عليك هو التوقيع لأي ناد خارجي، أوروبي كان أو إفريقيا، لمدة سنتين، تدرب فيها جيدا، قوّ عضلاتك، تشرّب الاحتراف ''راغبا أو مكرها''، غيّر جو .. وبعدها وقّع مع أي ناد .. وبشروطك !.
هذا القانون يقضي على الطموح لدى 90 في المائة من الشباب، فهو يجبرك على مغادرة البلاد في بداية عمر الدراسة الجامعية!، يجعل سوقنا الداخلي للانتقالات عجيبا ومتضخما لأنه يحد من تدفق اللاعبين على سوق الاحتراف بشكل طبيعي وسلس مما أوصل أسعار ''أنصاف المواهب'' لعشرات الملايين!، ما هي الخصوصية لدينا دون بقية أعضاء ''فيفا'' حتى نظل نميز نفسنا بقوانين مفصلة على مقاس التاجر وليس اللاعب؟! هذا القانون وباختصار أكبر عائق في عجلة الاحتراف الداخلي، لاعب يرغب في الاحتراف ''الأول له'' في ناد يقع على بعد شارعين من منزله، يضطر للتغرب والتمرين ولو كان سعيد الحظ ربما يلعب قليلا في دوري درجة ثانية في دولة ليس شرطا أن تكون أعلى منا مستوى كرويا، وبراتب زهيد لا يكفي طالبا مبتعثا في البلد نفسه، ولمدة سنتين، حتى يعود بورقة تتيح له التسجيل في النادي الذي يقع على بعد شارعين من منزله، دون أن يرتكب أي خطأ يمنعه من التسجيل في المقام الأول!.
هناك أشياء لا تحتاج إلى النظارة لرؤيتها بوضوح، لذلك أنصح كل من بيده أمر ''صناعة'' كرة القدم : إما أن تضع الحصان أمام العربة ... أو أن تذبح الحصان وتطبخهُ على نار العربة!
لماذا وقع أبناء عطيف على رواتب أقل بعشرة أضعاف ''على الأقل'' مما لو بقوا داخل ناديهم؟.. إنه ثمن الحرية، فالذهاب لأوروبا لاعباً ليس كالذهاب إليها هارباً!
كل عام وأنتم بخير
نقطة توقف
- عندما يصل اللاعب لسن الثامنة عشرة يجب أن يفرض على ناديه التوقيع معه أو حرية التوقيع لأي ناد آخر، وبهذا تستفيد فرق الوسط من تكدس لاعبين في أندية كبيرة وإجبارهم على اللعب في فئتي الأولمبي والشباب حتى يفقد اللاعب الأمل.
- عندما يكون هناك لاعب مثل فهد الجهني يشارك الأولمبي على حساب ثلاثيني كسعد الحارثي فهذا هو الضرر الحقيقي وبداية فقدان نجم ... فلو انتقل لفريق في الوسط لشارك واستفاد من ذلك اللاعب والناديين.
- الهلال يسير على خطى المنتخب السعودي ، كيف؟ .... الأحد القادم.