الإسلام سلوك وليس مظهر

في كثير من الأحيان يحاول الشخص المفسد التخفي تحت عباءة ,محاولاُ من خلالها إخفاء ما يقوم به من فساد ,ولاختيار العباءة المناسبة التي يتوشح بها هذا المفسد ,يجب أن تكون منسوجة من المقدسات التي تخص الأغلبية في هذا المجتمع,حتى تكون ذات جدوى أكبر.

في مجتمعنا السعودي ,يعتبر الدين الإسلام هو أغلى مقدساتنا التي لا نقبل الإساءة أو المساس بها بأي شكل كان,سواء كان ذلك من قبل أحد أفراد مجتمعنا أو من أي مجتمع أخر كان,وهذا أمر طبيعي وجميل يجب علينا كمسلمين أن نحلى به,لكن في حدود المقدسات الحقيقية ,مثل القران الكريم والأحاديث النبوية,والأنبياء والرسول والصحابة الكرام

الدين الإسلام ليس ديننا سماوياً فقط ,يل هو سلوك "داخلي" أولاً و "مظهر" خارجي ثانياً,و يجب أن نتقيد به نحن كمسلمين داخلياً "كسلوك" قبل أن تقيد به "كمظهر",وأن لا تختزله على المظهر الخارجي فقط,مثل أن نعفي اللحية , وتقصر الثوب,والتي هي بالتأكيد من هدي النبي محمد -صلى الله عليه وسلم - ظاهرياً,أو نترك لبس العقال كما هو شائع في مجتمعنا رغم عدم ورود ذلك عن رسولنا الكريم ,لكن يجب أن يكون تقيدنا الحقيقي بالإسلام هو تعامل يعكس المضمون الجميل الذي يحثنا على المساواة والعدل وعدم أكل حقوق الناس بالباطل أو ظلمهم ,حتى وأن كانوا هؤلاء الذين نتعامل معهم غير مسلمين .
لكن أن نتقيد بالمظهر الإسلامي الخارجي فقط ,دون تقيدنا بالتصرفات في الحياة,وبالتحديد مع الآخرين ,فهذا تشويه حقيقي للمظهر الإسلامي أمام مجتمعنا أولاً,وأمام غير المسلمين في المجتمعات الأخرى .
المظهر الإسلام تم تقبيحه سابقاً بالأعمال الإرهابية ,حتى أصبح الشخص الملتحي ,يصور كإرهابي في المجتمعات الغير إسلامية,وهذا كان واضحاً في الرسومات التي رسمت بعد أحداث 11 سبتمبر في الولايات المتحدة ,وغيرها من العمليات الإرهابية ألتي اكتست بالصبغة الدينية خارجياً,وهي بعيدة كل البعد عنه كسلوك إسلامي حقيقي .

وعلى المستوى الداخلي أو المحلي في السعودية ,الكثير من المفسدين اتخذوا من المظهر الإسلامي وسيلة لكسب ثقة المجتمع,وعباءة لإخفاء قبح ما يسعون إليه,فهؤلاء استطاعوا أن يستولوا على الكثير من الأموال بالباطل من الناس,وكذلك الاستيلاء على كثير من عقول الشباب ,من اجل أهداف دنيوية أو شخصية ,وهذا بالتأكيد بسبب حكم المجتمع على البعض بالشكل الظاهر,دون أي تأكد من حقيقة هذا الشخص.

هذه الظاهرة أو الممارسة ليست بجديدة في مجتمعنا ,لكن للأسف لازالت موجودة ,رغم كل ما مر بنا من معاناة منها,ولا زلت أشاهد أن الغطاء الديني المتخذ من قبل هؤلاء فعال لدى الكثير,حتى أن الأمر وصل إلى الدفاع عنهم لكل من يحاول أن ينتقدهم في أخطائهم أو ممارسات الواضحة أمام الآخرين,والبعض استمر في تقديسهم حتى بعد كشف حقيقتهم ,ويرد على كل الدلائل بأنها افتراء أو بالعامية " تلفيق " عليه ,وهذا كارثة حقيقية اجتماعياً .

في الأخير يجب أن لا نسيء الظن بالشخص المتدين ظاهرياً ,ولكن يجب أن لا نثق مباشرة به,ولكن يجب أن نتحرى عنه ,وكذلك أن نأخذ الاحتياط في تعاملاتنا الهامة معه ,حتى لا نكون ضحايا لهم إذا تعاملنا معهم ,وكذلك أن نقشع عباءتهم الدينية في حالة أنهم خالفوا بالفعل ما يقولونه باللسان,فالدين الإسلامي معاملة قبل أن يكون مظهر, قال عليه الصَّلاة والسلام [ إنما بُعثتُ لأتمِّمَ مكارِمَ الأخلاق ].

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي