ليشهدوا منافع لهم

لن آتي بجديد إن قلت: إن للحج قيمة اقتصادية لا نستطيع إغفالها، فقد قال الرحمن سبحانه: ''ليشهدوا منافع لهم''، فحجاج عام 1433هـ ـــ 2012 على سبيل المثال، وحسب الإحصاءات الرسمية وصل إلى أكثر من ثلاثة ملايين حاج، لو افترضنا أن الواحد منهم ينفق على أقل تقدير نحو 500 ريال في الموسم، فهذا يعني أننا نتكلم عن مليار ونصف المليار ريال داخل مكة المكرمة فقط، وخلال أيام معدودات.
لكن، كيف يمكن استثمار الحج بصورة أكثر فاعلية، ويعود على أطرافه بمنتهى الفضل المستمد من المنافع التي أشار إليها النص الشريف؟
قطار المشاعر ومرافقه، ألا يمكن أن نستفيد منها بالإعلانات عن مختلف الأمور التي يمكن أن يهتم بها الحجاج، ومن القطار إلى المطار، حيث يسافر من مطار الملك فهد في الدمام نحو 5.5 مليون حاج خلال العام، يشكل الحجيج 54 في المائة من هذا العدد ـــ حسبما نشر في جريدة ''عكاظ'' ــــ وهي فرصة لتسويق المساحات الإعلانية المختلفة، وتحقيق بعض الأرباح المهمة للمستفيدين.
هناك فرصة استثمارية أخرى تتمثل في تبريد منطقة المشاعر من خلال محطات تبريد المناطق أو ما يعرف بـ District cooling plants، فحسبما أفاد الخبراء في هذا المجال أن استخدام هذا النظام يوفر نحو 40 إلى 60 في المائة من كفاءة استخدام نظام الهواء العادي، ويوفر في استهلاك الكهرباء نحو 15 إلى 20 في المائة، وأعتقد أنه من المجدي أن تكون جميع المشاعر والمنطقة المجاورة للحرم من أبراج وفنادق تعمل بهذا النظام، وتؤسس لفرصة استثمارية أخرى.
النفايات، وما أدراك ما النفايات؟! حيث يخلف الحجاج في الموسم أطنانا منها، لم لا يمكننا إنشاء شركات تقوم فقط على تدوير مخلفات الحجاج؟ دراسة بسيطة يمكنها أن تخرج بنتيجة تكوين أرباح تدر الملايين من الريالات من جهة، وتحافظ على البيئة من جهة أخرى، وتعكس جانباً حضارياً للبلد من جهة ثالثة، وأمثال هذه الدراسات أتوقع من وزارة الحج أن يكون لها قسم لعرض الفرص الاستثمارية، وعمل دراسات وتسويقها للارتقاء بخدمة الحجاج، ودر عوائد مالية مجدية للمستثمرين.
هدايا الحج نقطة مهمة في هذا الباب، فالحج يعد من أفضل الأماكن لجلب الهدايا، ولا شك، يحتاج الحجيج إلى سلع هائلة، وبنظرة بسيطة، يمكن معرفة أن الحاج من أجل ضغط النفقات يبحث عن المناسب والمتميز، وهذا لا يتم إلا بسلع محلية، ومن هنا نقول: ألا يمكن تفعيل دور الأسر المنتجة؟ أجزم أن ما تصنعه تلك الأسر خلال عام كامل من السلع ـــ ولو بالأطنان ـــ سينفق كله خلال أيام الحج، بل وسيحتاج إلى أطنان مضاعفة أخرى لسد الحاجة.
أعتقد أنه يمكننا تأسيس شركات تقوم على تسويق إنتاج هذه الأسر في موسم الحج فقط، فلو قسمنا الحجاج إلى ثلاث فئات: عالية الدخل وتشكل نسبة 20 في المائة تقريباً، ومتوسطة وتشكل نسبة 50 و30 في المائة هم من ذوي الدخل المحدود، ومقارنة بعدد الحجيج هذه السنة، فقد كان أعلى بقليل من ثلاثة ملايين حاج، أي أن مليون ونصف المليون حاج يشكلون فئة متوسطي الدخل، وهؤلاء ينفقون على الهدايا ما بين 500 إلى ألف ريال، فهذا يعني أننا بصدد الحديث عن مبلغ 750 مليون ريال نقداً تضخ في السوق، ولو افترضنا أن محدودي الدخل ينفقون نحو 300 ريال فهذا يعني أنهم ينفقون ما يقارب 270 مليون ريال، ولو أنفق أصحاب الدخول العالية ألف ريال فهذا يعني 600 ألف ريال أي إجمالي ما ينفقه الجميع على الهدايا يقترب من المليار ونصف المليار ريال، ولكن يا للأسف أغلب هذا المبلغ يذهب للبضائع الصينية، فهل هذا المليار ونصف المليار ريال غير مغر للاستثمار في هذا المجال؟
وإن كان ثمة أمر لا بد من الإشارة إليه، فإن الحج يمكن أن يقود إلى إقامة العديد من المشاريع الاستثمارية بطريقة الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وهو ما سيعود على المجتمع المكي بالعديد من الوظائف، وللمستثمر بالمزيد من الفرص الجاذبة للاستثمار الداخلي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي