قبل إعلان الموازنة
إن الاهتمام بالموازنة العامة للدولة يأتي من منظور أهمية القطاع العام للناتج الإجمالي ونموّه، وذلك بسبب استحواذ النسبة الأعلى له في مكونات الناتج الكلي للاقتصاد السعودي، خصوصاً من بوابة الإنفاق الحكومي. وحيث يترقب الكثير إعلان وصدور الموازنة العامة إلا أن التوقعات في مجملها تأتي بشبه اتفاق على النمو الإيجابي المطرد للاقتصاد وترسيخ أكثر للاستقرار المالي بوجه عام حتى من وجهة نظر المراقبين الاقتصاديين والمهتمين بالشؤون الاقتصادية من خارج المملكة سواء إقليمياً أو دولياً، حيث تأتي السعودية في مقدمة الثلاث الأولى بين دول العشرين أو ما يسمى (G20). وهذا بلا شك تأكيد لمتانة الاقتصاد السعودي وصموده أمام الهزّات المالية المتعاقبة التي يشهدها العالم بين الحين والآخر باختلاف مسبباتها ومصادرها. وعلى أي حال فالحديث هنا ليس لإيضاح الاقتصاد السعودي بين دول العالم إنما هو قراءة استشرافية لبعض المضامين التي من المتوقع أن تأتي بها الموازنة للعام المقبل وانعكاس ذلك على الفرد السعودي في تنمية حياته المعيشية وتحسينها، إذ من المتوقع أن يستمر الإنفاق الحكومي في دعمه للقطاعات الحيوية المتصلة بمحيطه المعيشي بشكل مباشر كالتعليم والصحة والإسكان وما شابهها، إضافة إلى التأثير غير المباشر من خلال تحسين البنى الأساسية الضرورية كالنقل والخدمات الأخرى التي يتطلبها الاقتصاد نحو رفع كفاءة عطائه. وبالتالي خلق فرص وظيفية مستدامة تزيد من ناتجه الإجمالي وترتقي بأساليب الإمكانات التنافسية مع العالم لتمكنه دوماً من احتلال مراتب متقدمة تضمن استمرارية قوته وليس لوقت آني فقط، بل للمستقبل والأجيال القادمة.
إن كل ما عمل ويعمل شيء عظيم لا ينكر، ولا يوجد كمال لأي عمل إنساني، غير أن الاقتراب من الكمال أيضاً أمر مندوب إليه، لذا فإن هناك بعض الجوانب في بعض السياسات الاقتصادية لم تؤت أكلها بما يتوقع لها أن تكون وبما يتفق والزخم التنافسي الذي يطمع أن نصل إليه. بل إن هناك تباطؤاً في تطبيق بعضها أو ربما ارتجالية في تفعيلها. ولن أدافع عن التميز نسبياً عن قطاع بذاته أو أنتقد آخر لكون المراجعة لكل قطاعات الاقتصاد أمراً يطول شرحه في هذا المقام، وأكتفي بالقول إن علينا الاستفادة بكل جديَّة من المعطيات الحالية والأحداث التاريخية الاقتصادية والمفصليَّة سواء محليا أو دولياً، خصوصاً أننا يجب ألا نحتكم دوماً إلى آراء المؤسسات الدولية المختصّة في شؤون الاقتصاد والمال بشكل حدِّي وذلك لوجود خبرات وكفاءات وطنية ضالعة في علمها الاقتصادي والتي يجب أن تؤخذ آراؤها بكل جدية، لكونها لديها دراية مهنية عالية في ظل مفهومها الأكثر من غيرها لظروف ومحيط وبيئة وخصوصية بني جلدتها.
أستاذ العلوم المالية المشارك
- جامعة الملك فهد للبترول والمعادن