الوضع القانوني للائتلاف الوطني السوري

عقد قادة معظم فصائل المعارضة والثورة السورية اجتماعاً في الدوحة خلال الفترة من 8 إلى 11 تشرين الثاني (نوفمبر) 2012، وانتهى الاجتماع إلى الموافقة على توحيد هذه الفصائل ضمن كيان سياسي سموه (الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية)، وأن يكون مقره القاهرة واختيار أحمد معاذ الخطيب رئيساً له. وقد تضمن الاتفاق ما يلي:
أولاً: اتفق المجلس الوطني السوري وباقي أطراف المعارضة الحاضرة على إنشاء الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية تكون عضويته مفتوحة لجميع أطياف المعارضة السورية. ويهدف هذا الائتلاف إلى إسقاط النظام القائم برموزه وحل أجهزته الأمنية والعمل على محاسبة المسؤولين عن سفك دماء الشعب السوري.
ثانياً: يكون للائتلاف نظام أساسي يجرى التوقيع عليه بعد مناقشته واعتماده أصولا.
ثالثاً: يشكل الائتلاف حكومة مؤقتة تتألف من عدد محدود من الوزراء بعد الحصول على الاعتراف الدولي.
رابعاً: العمل على توحيد ودعم المجالس العسكرية وجميع التشكيلات والكتائب وجميع الكيانات العسكرية الثورية السورية وإنشاء قيادة عسكرية عليا ينضوي تحتها جميع الكيانات المشار إليها ويحدد قرار إنشاء القيادة العسكرية العليا تشكيلها واختصاصاتها وتنظيم سير عملها.
خامساً: عدم الدخول في حوار أو مفاوضات مع النظام القائم.
سادساً: يشكل الائتلاف اللجنة القانونية الوطنية السورية ويحدد اختصاصاتها وتنظيم عملها.
سابعاً: إنشاء اللجان الفنية والمتخصصة وتحديد اختصاصاتها وآليات عملها.
ثامناً: يدعو الائتلاف إلى عقد المؤتمر الوطني العام بعد إسقاط النظام مباشرة.
تاسعاً: ينتهي الائتلاف وتحل الحكومة المؤقتة بعد انعقاد المؤتمر العام وتشكيل الحكومة الانتقالية.
عاشرا: العمل على الحصول على الاعتراف الدولي بالائتلاف ممثلاً شرعياً للشعب السوري.
الحادي عشر: ينشئ الائتلاف فوراً صندوقاً للإغاثة لتقديم المساعدات الإغاثية للشعب السوري داخل سورية وخارجها.
الثاني عشر: يسرى مفعول هذا الاتفاق بعد المصادقة عليه من الجهات المرجعية لأطرافه. وتتولى اللجنة الوزارية العربية المعنية بسورية إيداع هذا الاتفاق لدى الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بمجرد التوقيع عليه.
وتم التوقيع على هذا الاتفاق في مدينة الدوحة في اليوم الحادي عشر من تشرين الثاني (نوفمبر) لسنة 2012 من قبل أطراف المعارضة السورية المشاركة في الاجتماع وبحضور رئيس اللجنة الوزارية العربية وأعضائها.
وحدد النظام الأساسي للائتلاف عدد الأعضاء الذين يمثلون كل فصيل في الائتلاف، كما حدد أهدافه وأجهزته وقواعد وإجراءات عمله.
واعترفت دول مجلس التعاون الخليجي بهذا الائتلاف ورحب به مجلس جامعة الدول العربية ودعا إلى تقديم الدعم السياسي والمادي لهذا الكيان الجامع لمعظم فصائل المعارضة السورية، واعترفت فرنسا وإيطاليا وبريطانيا وإسبانيا وتركيا بهذا الائتلاف كممثل شرعي للشعب السوري. ورحبت الحكومة الفرنسية بتعيين الدكتور منذر ماخوس (المنتمي إلى الطائفة العلوية) سفيراً للائتلاف في فرنسا، كما استقبل الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند رئيس الائتلاف أحمد معاذ الخطيب وتعهد الرئيس الفرنسي بأن يعمل ما في وسعه من أجل إقناع دول غربية بالاعتراف الكامل بهذا الائتلاف.
وما زالت الولايات المتحدة متحفظة في الاعتراف بهذا الائتلاف رغم أنها سعت إلى إقناع فصائل المعارضة السورية بأن تتحد في إطار تنظيم واحد يحظى بالشرعية الدولية حتى يمكن تقديم الدعم العسكري والمادي للثورة السورية من خلاله. ويبدو أن الولايات المتحدة ما زالت قلقة من التنظيمات الجهادية المتطرفة التي رفضت الانضمام إلى الائتلاف وتضم في صفوفها مقاتلين من دول عربية وإسلامية وتريد الولايات المتحدة أن تتأكد من قدرة الائتلاف على كبح جماح هذه التنظيمات ومنع وصول المساعدات العسكرية والمادية إليها.
ويثور هنا التساؤل حول الوضع القانوني لهذا الائتلاف في ظل ما حظي به من اعتراف من بعض الدول. ويمكن القول بإيجاز شديد أن الاعتراف بهذا الائتلاف لا يعني سحب الاعتراف بحكومة نظام بشار الأسد، لذلك لم توافق الدول المعترفة بالائتلاف على تسليمه مقار السفارات السورية الكائنة في أقاليمها، فالاعتراف بالائتلاف لا يعدو أن يكون اعترافاً بالثوار السوريين الذين يناضلون من أجل تحرير بلادهم من حكم استبدادي دموي غاشم لم يتورع عن انتهاك حقوق الإنسان انتهاكاً جسيماً وخطيرا، ولم يعد من المقبول السكوت عن جرائمه. والاعتراف بالثوار في فقه القانون الدولي العام يؤدي إلى منح الثوار مركزاً قانونياً دولياً يتحدد ضمن نطاق مجموعة الحقوق والامتيازات التي تقدمها لهم الدول التي اعترفت بهم، لذلك فإنه حتى يحظى الثوار السوريون باعتراف سياسي كامل فإن عليهم أن يسارعوا إلى تنفيذ ما اتفق قادتهم عليه في الدوحة بشأن تكوين حكومة مؤقتة، فإذا حظيت هذه الحكومة بالاعتراف الدولي أصبحت شخصاً دولياً يملك أهلية إبرام التصرفات القانونية في المجال الدولي، ويتمتع ممثلوها بالحصانات الدبلوماسية. ويؤدي الاعتراف بهذه الحكومة إلى سحب الاعتراف بحكومة الأسد تلقائياً. وتفيد بعض التقارير الإعلامية بأن الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية يقترب من تكوين حكومة مؤقتة، وأن رياض حجاب رئيس الوزراء السوري السابق، الذي انشق عن نظام الأسد، هو أقوى مرشح لهذا المنصب، لكن بعض فصائل المعارضة غير موافقة على هذا الاختيار.
والمأمول ألا يتأخر إعلان تكوين هذه الحكومة حتى تقوم بمهامها نيابة عن الشعب السوري إلى حين تحرير البلاد من حكم عصابة الأسد إلى الأبد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي