العلاقة بين الطائرة والمسافر

في عام 2005 أدخلت الخطوط الملكية الأردنية طائرتين من نوع 400 Q، في خطوة لتشغيل مجموعة من وجهاتها القريبة بكفاءة اقتصادية. هذه الطائرة تنتمي لفصيلة طائرات النقل الجوي الحديثة المزودة بمحركات توربينية تحرك المراوح التقليدية. تتميز فصيلة هذه الطائرات بأن استهلاكها للوقود يقل عن الطائرات النفاثة بنحو 30 في المائة، الذي ينعكس على سعر أقل للتذكرة، وبدوره يزيد من استقطاب المسافرين. رغم أن سرعة تحليقها التي تبلغ 500 كيلومتر في الساعة فقط، مقارنة بالطائرات النفاثة التي تحلق بسرعة متوسطية تبلغ 850 كيلومترا في الساعة، إلا أن مدة الرحلة متقاربة بينهما للمطارات التي تبعد 550 كيلومترا (300 ميل بحري) أو أقل، وذلك بسبب عامل وقت مرحلتي الإقلاع والهبوط. خصائص تلك الطائرة كانت مغرية للخطوط الأردنية، خاصة أنها تسيِّر رحلات لوجهات أساسية عديدة تقع داخل دائرة (المدى المماثل في وقت الرحلة)، مثل عمان - بيروت، دمشق، العقبة، الإسكندرية، القاهرة، شرم، إلخ. المفاجأة أن "الملكية الأردنية" اضطرت للتخلص من هذه الطائرات بعد أشهر معدودة من دخولها الخدمة، بعد أن أثبتت التجربة على أرض الواقع عكس ما كان متوقعا منها. محركات الطائرة بمراوحها التقليدية، إضافة إلى عامل الضوضاء المرتفع داخل مقصورة الركاب، الذي كون عنها صورة نمطية سلبية للمسافرين مقارنة بالطائرات ذات المحركات النفاثة، ورأوا فيها تراجعا للوراء وليس تقدما للإمام، رغم الطرازات الحديثة لها. وبالفعل فقد تضمن البيان الإعلامي للخطوط الملكية الأردنية عند إخراجها من الخدمة هذا السبب، وهو عدم تقبل غالبية المسافرين لها وانتقالهم لشركات منافسة تستخدم الطائرات النفاثة. تجربة الخطوط الأردنية لم تكن هي الأولى، بل حدثت نتائج مماثلة خاصة في أمريكا، حيث موطن الرحلات الجوية القصيرة. لكن هذا النوع من الطائرات وجد نجاحا في دول أخرى مثل بريطانيا، التي تتمتع بقوة حركة السفر الداخلي، وأيضا السفر إلى عشرات المطارات الأوروبية في دائرة المدى الفعال لهذه الطائرة. سوق النقل الجوي الداخلي والدولي المجاور لنا يضم عديدا من الوجهات المناسبة لهذه الطائرة، لكن نجاح هذه الطائرة وتحقيقها الربحية للناقلات المشغلة لها، لن يعتمد على خصائصها فقط، بل على العلاقة بين المنتج والمستخدم الذي يتطلب التجربة والمغامرة، كما فعلت الخطوط الأردنية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي