الميزانية وتغيير الشعارات

يتطلع الاقتصاديون خصوصاً منظري مستقبليات توجه الاقتصاد دوما، إلى الإعلان السنوي عن موازنة الدولة لما لهذا الحدث عادة من أهمية بالغة في مسيرة أي اقتصاد، لكون الموازنة العامة للدولة تحكي ما تم إنجازه وتصف، كخريطة طريق، التوجهات والسياسات الاقتصادية للبلد. وبلغة أبسط هي تنظير لمستقبل مداخيل الاقتصاد الرأسمالية وتوجهات صرفها على قطاعات الاقتصاد المختلفة فيما يخدم نمو الاقتصاد ويعضد من قوة نموه. إضافة إلى ما تحقق من مكاسب خلال السنة، خصوصاً في تنامي الدخل أو المصروفات من وعلى القطاعات المختلفة لمكونات الاقتصاد الكلي، وإعطاء صورة أوضح لقياس ما يتفق مع السياسة الاقتصادية والاستراتيجيات المختلفة، التي يضعها عادة صانع القرار الاقتصادي، وإذا هي فعلا حققت أهداف تلك الخطط.
ومن هذا المنطلق يضع صانع القرار الاقتصادي أولويات بحسب مواطن الأهمية لمفاصل الاقتصاد، وذلك بالاهتمام أكثر بجوانب دون أخرى، حيث يتباين هذا الاهتمام من واقع خصوصية وخصائص مقومات كل اقتصاد، إلا أن القاسم المشترك عادة لأهداف السياسات الاقتصادية التي يراد تحقيقها لكل بلد، هي الارتقاء بمستوى المعيشة للمواطن على وجه الخصوص. ولذا فالتعليم والصحة والأمن هي من العناوين الثابتة عادة في أهميتها دوما لكل سياسة اقتصادية. ثم بعد ذلك تأتي تفريعات أخرى في البني التحتية والأساسية، التي أيضا مآلها زيادة المستوى المعيشي وتوفير وخلق الوظائف بهدف زيادة الإنتاج والناتج الإجمالي للاقتصاد.
وفي هذا السياق يعمد كل قطاع إلى جدولة الأولويات بالنسبة له، طمعا في تحقيق الاستفادة المثلى من جراء ذلك التمويل. ولعل ما لوحظ أخيرا في بعض المصالح الحكومية من الاهتمام بأشياء في تقديري أنها هامشية الجدوى الاقتصادية، ولا تضيف زيادة ذات بال في الاستفادة المثلى من التمويل. ومن تلك الأمثلة على تلك النشاطات أو الجهود، تغيير الشعار لتلك المصلحة الحكومية أو شبه الحكومية في، حين أن هناك ما هو أهم في ترتيب الأولويات نحو الصرف عليها.
نعم هناك تبريرات من المؤكد أنها منطقية لهذا العمل لكننا أيضا لم نصل إلى حد الاكتفاء من أشياء أكثر أهمية في صلب عمل أو أعمال تلك المنشآت. إن الاستخدام الأمثل للموارد المالية دائما هو المبدأ الرئيس الذي تنادي به النظرية المالية والاقتصادية، وهو المقياس الأجدر نحو الكفاءة والفاعلية في الأداء، ولذا فهو ما يجب تطبيقه على كل عمل تقوم به أي منشأة كانت.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي