شعبُ مِصْرَ للعابثين يقول..

في حضن مصر قد نختلف، وقد ينتقد بعضنا بعضاً بشيء من الحِدة، وقد يشكو بعضنا بعضاً إثر ما يعانى من متاعب يومية، وقد يثور بعضنا على بعض جراء سوء فهم أو اندفاع، وقد نتظاهر، وقد نعتصم، و...و...الخ، ولكن نفعل كل ما سبق ونحن نحب مصر.. نفعل كل هذا ونحن ننتمي لتراب مصر، نفعل كل هذا وفى داخل كل منا محبة جبارة لوطنه وأرضه، نفعل كل هذا ونحن بين ذراعي مصر الحانية، وفى رحاب حضنها الدافئ، لا يشذ عن ذلك أي مصري يعرف قيمة وقدر هذا البلد، وهذا أمر ينال استحسان كل عاقل أو منصف في أي بقعة من الأرض.

على الجانب الآخر.. هنالك عقلاء وحكماء وأهل محبة يرون أن الأمر الحادث في مصر أمر طبيعي تفرزه حركة البشر في الحياة رغبة منهم في الوصول إلى الأفضل، و هؤلاء لا يتدخلون إلا بالنصح الجميل والتوجيه الحميم، وهؤلاء من تجلت لمصر نماذج منهم ملأت السمع والبصر.. وهؤلاء هم من سكنوا قلوب المصريين ولن يبرحوها، لأن معادنهم الأصيلة لمعت حين واجهت مصر شدّتها.

وهنالك صنف أخر يقرأ تلك الأحداث على أنها انفصال أو انفصام بين طوائف الشعب المصري، وهى بلا شك قراءة خاطئة لأنها تفتقد إلى أبسط مقومات التحليل وأهمها مرتكز خطير لا يمكن للسطحيين والمتربصين أن يفهموه أو يستوعبوه وهو عنصر مُلتصق بطبيعة الإنسان المصري ومتلاحم مع تكوينه وفطرته ويتسم بالخصوصية الشديدة ولا يبرز إلى الوجود إلا في حالات الشدة ألا وهو عنصر الترابط البيني الشديد بين المصري وأخيه المصري، والتاريخ البعيد والقريب يرسم أروع السطور عن تلك الحقيقة المجردة.

إذن، هو وَهمٌ سيطر على بعض المحللين والمراقبين - من خلال وقائع معينة – دفعهم إلى الاعتقاد بأن المجتمع المصري في حالة تفكك وتباعد وتنافر، وأن قوى الترابط والتجاذب بين أفراده قد وهنت، وأن ما بين لبناته من وشائج قد هوت، وأن المسافة البينية بين عناصره قد اتسعت، ومن ثم يمكن شغل هذه المسافات بأشخاص وأفكار لتحقيق مآرب سياسية أو حزبية تمس أمن مصر ووحدة شعبها، فيؤسسون على هذا التصور - الأعمى - خططاً خبيثة تهدف إلى تكوين خلايا داخل النسيج المصري سعياً وراء تحقيق حزمة من الأفكار الحزبية والفكرية، وأني لهم؟!.

أبشر هؤلاء الخبثاء بالحقيقة التي ستسكبُ المرارة في حلوقهم، وهى أن ما رأوه أو ما رصدوه ما هو إلا سراب يحسبه الظمآن ماء، وأن الشعب المصري أقوى من أن يُخترق، وأن نسيجه الاجتماعي على درجة عالية من التماسك، وذلك مهما طفا على السطح من مشاهد توهم هؤلاء بأن الفرصة سانحة ومهيأة ليمارسوا عمل الخفافيش والجراثيم،وأن المفاجأة ستكون مدوية حين يصطدمون بالواقع فيكتشفون أنها كانت مشاهد مخادعة، وأن مصر أقوى من أن يُتـَـآمَرُ عليها.

لقد حاولت قوى كثيرة أن تحدث قلاقل وفتن في واقع الحياة المصرية كثيراً، تارة بمحاولة التلاعب في العلاقة بين المسلمين والمسيحيين، وتارة بدس الفكر الإرهابي المتطرف في أوساط الشباب، وتارة بدس الفكر الإباحى المنحل الذي لا يعرف ديناً ولا عقيدة، وتارة بمحاولة بناء انتماءات لقوى خارجية..الخ، وكل هذه المحاولات باءت بالخيبة والخسران، لأن من يخطط للنيل من أمن مصر لم ولن يعرف كيف يفكر الإنسان المصري، فالمصري قد يغضب ولكن لا يكره، وقد يثور ولكن لا يخون.. إنّ مختصر حال المصري مع وطنه يجسده المثل المصري القائل «أدعي على ولد بطني وأكره اللي يقول آمين»!.

من هنا يمكن التأكيد على نقطتين هامتين:
الأولى: أن وحدة المجتمع المصري هي وحدة غير قابلة للتجزئة، مهما حاول العابثون.
الثانية: أن دور مصر الأقليمى والدولي هو قدرها، فليهدأ الصغار وليعودا إلى رشدهم.

فيا من ملئتم أروقة فضائيات بعينها بأحاديث نارية، وحاولتم بها استقطاب قلوب بعض الموتورين، ألا فاعلموا أن الحقيقة هي التي ستبقى، وأن كل الأكاذيب والافتراءات ستنثرها بيِّنات الحق رماداً في عيونكم، قال الله تعالى: «فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض».

وتبقي همسة.. لقد دافعت هنا عن مصر وشعبها، ولم أدافع عن أشخاص أو ألوان، متخذاً طريقي من طريق قادة وسياسيين وعلماء ومفكرين وكتاب أضاءوا المنابر والصحف والفضائيات بحديثهم الشجي النقي عن مصر.. بحديثهم المُنصف الذي ارتكن إلى حقائق التاريخ الدامغة التي لا تقبل الشك.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي