حضانات الأطفال وخطورة المسؤولية
الأطفال هم زينة الحياة الدنيا، وهم أحباب الله، وهم التعبير الحقيقي الذي تتجسد فيه غريزة الأب والأم، فهم نعمة يمن بها الله على عباده، ومقابل هذه النعمة تتمحور مسؤولية كبيرة تجاه أولئك الأطفال، وكما ذكر رسولنا الكريم ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته.."، وهذا حديث واضح وصريح يحمل مقدار المسؤولية التي توكل إلى كل أب وأم وقياس عليهما أيضا، ولكن يغيب الوعي أحيانا كثيرة في مواقف متعددة أو لنقل تحل الغفلة ـــ كفانا الله شرها ـــ في سلوكيات كثيرة يرتكبها الآباء تجاه أبنائهم، ففي الأسبوع الماضي سمعت قصة آلمتني بشدة وتعجبت منها كثيرا، عن إحدى الموظفات التي حكت عن طفلتها ذات السنتين من العمر، التي تتركها وحدها نائمة في المنزل دون أي إشراف من قبل أي فرد، من فترة الصباح وحتى نهاية دوامها بعد العصر، حتى مع غياب الخادمة، وعندما سألتها عن عدم توفير أي فرد يشرف على الطفلة، ذكرت أنها قامت بتسفير خادمتها بعد أن سمعت عن التجارب السيئة من الخادمات ــــ وكما ذكرت ــــ فإن وجود الطفلة وحدها أفضل من وجودها مع الخادمة، ولكني تعجبت من هذه القصة كثيرا ولم يمر أسبوع آخر حتى سمعت قصة شبيهة أيضا بها، وما فهمته أن فكرة إغلاق الأبواب على الطفل ومكوثه وحده في المنزل، هو الحل الأمثل كما يراه بعض الآباء مقارنة بوجود الخادمة والخطر الذي قد يصدر عنها في بعض الحالات، ولكن أعتقد أن وجود مثل تلك الأفكار في حالات رأيتها بنفسي تقدم على مثل تلك الخطوة الجريئة والخطيرة، هو أمر غاية في الإهمال وقمة في المجازفة والمخاطرة، فلا يزال الطفل طفلا بمعنى أنه غير مسؤول عن تصرفاته وغير مسؤول عن نفسه، والمسؤول هم الآباء وبلا نقاش أو جدل، وانطلاقا من هنا فنحن في حاجة كبيرة إلى التوعية الإعلامية من جديد بأبجديات المسؤولية تجاه الطفل هذا من جانب، أما من جانب آخر، فنحن في حاجة ماسة إلى توفير حضانات بشكل سريع جدا سواء كانت تلك الحضانات تحت إشراف وزارة التربية والتعليم أم تحت إشراف وزارة الشؤون الاجتماعية، ليس هذا الآن هو ما يجب أن نبحثه، ولكن الأهم هو أن تقام تلك الحضانات بشكل سريع ومناسب في كل حي بل لا بد أيضا من القطاع الخاص أن يكون له نصيب من المساهمة في ذلك المشروع المهم الذي يخدم المواطن ويخدم أطفالنا دون أن يكون هناك ضعف في تقديم الخدمات من قبل بعض الحضانات الأهلية، علما بأن هناك من الحضانات الأهلية ومراكز استضافة الأطفال الخاصة ما يضرب به المثل في مجتمعنا ويعد نموذجا فاعلا في مستوى الخدمات التي يقدمها للطفل الرضيع، ابتداء من عمر الشهرين، فالفكرة موجودة ومطبقة من قبل بعض جهات القطاع الخاص، وها هي تنجح وتتألق فلماذا لا تسهم جهات أخرى في إيجاد ودعم تلك الفكرة؟