الموارد البشرية في العالم الإسلامي .. قصور مستمر
تكثر الدوائر الاقتصادية والتنظيمية والتنموية والتعليمية وغيرها التي تهتم بقضايا تنمية الموارد البشرية، وذلك بحكم طبيعة العنصر الأهم دوماً في مدخلات الإنتاج، وهو الموارد البشرية. لذا تسعى هذه الدوائر كل فيما يخصّها نحو تحقيق هدف رئيس وهو تنمية قدرات الموارد البشرية، سواء بزيادة الإنتاج والرفع من كفاءته أو بمشاركة أوسع لقاعدة المنخرطين في الأعمال المختلفة في قطاعات الاقتصاد العديدة. ولعل هذا الهاجس جعل اهتمام الحكومات كثيراً بقضايا الموارد البشرية، بل إنها محور قضاياها والعمل على تشخيص أسباب مشكلاتها، وبشكل عمومي وخصوصي تحاول الحكومات أن يكون هناك تضافر للجهود واستفادة من تجارب بعضهم بعضا في خلق منظومات بينية مؤدّاها الهدف نفسه، وهو تنمية الموارد البشرية.
وإذا كان ما يهمنا أكثر على مستوى عالمي، هو عالمنا الإسلامي، فالحديث هنا سيكون مقصوراً على هذا العالم الكبير بأعداد سكانه المتدني مقارنة بالعالم الآخر في إنتاجيته. والأسباب في هذا التدني كثيرة، منها ما هو راجع إلى التعليم ومنها ما هو بسبب أساليب إدارة القطاعات الاقتصادية المختلفة بشكل لا يخلو من الفساد أو الهدر، وبالتالي تدني مستويات الكفاءة والفاعلية في إنتاجية القطاعات تلك. ومنها ما يمكن أن أسميه فردية الرؤى، وبالتالي الجهد الفردي الذي لا تشجع على الاندماج والتكامل، ولا يرشح عنه إلا تبعثر الجهود. إضافة إلى ما سبق أيضا لا يقلل من آثار البيئة الاقتصادية بعمومها، سواء ما يتعلق بالتمويل وأساليبه، أو أساليب العيش بشكل عام، أو تلك التي تختص بالتشريعات والتنظيمات المختلفة وحفظ حقوق العامل ورب العمل.
ولعل هناك قاسماً مشتركاً أيضاً للعنوان الرئيس في تنمية الموارد البشرية في العالم الإسلامي لا يمكن أن نتجاهله البتة، وهو مشاركة المرأة ودورها في التنمية الاقتصادية حتى إن هذا الموضوع عُقد له مؤتمر وزاري أخيراً في كانون الأول (ديسمبر) 2012 هو الرابع من نوعه، وذلك حول دور المرأة في تنمية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي. وشخّص مشروع إعلان ذلك المؤتمر عديداً من القضايا المختلفة حول دور المرأة، وأقرّ أهمية مساهمتها. كما أورد مشروع إعلان ذلك المؤتمر التزامه ببنود عديدة كلها تتمحور حول تعزيز دورها الحيوي لتبقى الخطوات العملية في تنفيذ تلك البنود بشكل جدي، وإلا فالحال سيستمر في تعطيل قوة بشرية وسيكون سبباً من الأسباب الرئيسة التي جعلت من العالم الإسلامي عالماً كبيراً في حجم قوته البشرية، لكن بإنتاجية أقل مما يؤمل، وبالتالي عالماً معتمداً على الآخرين، منتظراً ما يجود به عليهم من تقدُّم لحياتهم المعيشية.