بدرية العوضي .. أمل العرب في حقوق الإنسان

من ضمن إيجابيات إقامتي في البحرين منذ سنوات عدة، متابعة الفعّاليات الثقافية والفكرية والمؤتمرات السياسية الإقليمية التي تستضيفها المنامة. عندما توجّه نبيل العربى، الأمين العام لجامعة الدول العربية منتصف هذا الأسبوع إلى البحرين لحضور مؤتمر المنامة الخاص ببحث إنشاء ''محكمة عربية لحقوق الإنسان''، كان لا بد أنه يعلم أن أمامه مهمة صعبة ومعقدة، فالمنطقة العربية هي المنطقة الوحيدة في العالم التي لا توجد بها محكمة لحقوق الإنسان.
شارك في مؤتمر المنامة وفود دول عربية تضم في عضويتها لجنة الخبراء القانونيين العرب برئاسة الدكتورة بدرية العوضي، أستاذ القانون الدولي في جامعة الكويت، وعضوية عدد من كبار خبراء القانون الدولي وحقوق الإنسان في الوطن العربي، إضافة إلى عدد من كبار الشخصيات العربية القانونية.
نادت الأمم والشعوب بالحريات الأساسية للإنسان منذ قانون ''مانو'' الذي ذاع صيته في العام الألف قبل الميلاد والذي حدد عدداً من المبادئ الهادفة لحماية حقوق الإنسان.
ونحن نضع اللبنة الأولى لتأسيس محكمة عربية لحقوق الإنسان علينا أن نعي حقيقة على أرض الواقع، أن مجرد إنشاء المحكمة لا يعني بالضرورة أننا بذلك قد قمنا فعلاً بحماية حقوق الإنسان العربي. تاريخنا حافل بالمؤتمرات والقرارات، لا تنسوا يا سادة أن حتى في ليبيا القذافي تم إنشاء ''الوثيقة الخضراء الكبرى لحقوق الإنسان'' وأن دولنا العربية تعج بجمعيات وهيئات حقوق الإنسان التي لم تلب الحد الأدنى من حقوق المواطن العربي.
الخطوة القادمة هي رفع نبيل العربي الدراسة التي يعدها عدد من الخبراء المختصين والقانونين العرب، لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة المزمع انعقادها نهاية آذار (مارس) المقبل في الدوحة. المُفترض بعد ذلك أن تطبق المحكمة العربية لحقوق الإنسان الميثاق العربي لحقوق الإنسان على غرار محاكم حقوق الإنسان الإقليمية التي تطبق الاتفاقيات الدولية أو المواثيق الإقليمية لحقوق الإنسان.
على هامش المؤتمر، اقترحت على نبيل العربي إنشاء مركز على مستوى العالم العربي لمنع العنف ضد الطفل والمرأة، ورحب معاليه بالفكرة. الخطوة التالية هي التواصل مع الجامعة للبدء بتفعيل المشروع.
لمَن لا يعرف رئيسة لجنة القانونيين العرب الدكتورة العوضي، فهي الممثل الإقليمي لاتحاد المحاميات الدولي في أمريكا منذ عام 1981 وعضو في اتحادات حقوقية عالمية عدة في سويسرا وألمانيا وإيطاليا. هذا ليس كل شيء، فرئيسة لجنة الخبراء أعدت عشرات الأبحاث في مجالات الحماية ضد التمييز المبني على الجنس، وقانون الأسرة، والمنظور النسائي للإصلاح والتغيير السياسي في العالم العربي، ومفهوم المواطَنة في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.. يعني ''فاهمة البير وغطاه''.
مسؤوليتك يا دكتورة العوضي جسيمة، فهي تتضمن صياغة بروتوكول للميثاق العربي لحقوق الإنسان تقبل بموجبه الدول التي تصادق على هذا البروتوكول اختصاص المحكمة العربية لحقوق الإنسان. أقصد تحديداً حقوق السلامة الشخصية، والحريات المدنية، والحقوق الاجتماعية والاقتصادية مع الأخذ في الحسبان الاختلافات الثقافية.
كما تعلمين سيدتي، جاء ميثاق جامعة الدول العربية في عام 1945 خالياً تماماً من أي نص عن حقوق الإنسان. ومع أن مجلس الجامعة وافق في عام 1968 على إنشاء اللجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان، تلاه اعتماد الجامعة عام 1982 مشروع (الميثاق العربي لحقوق الإنسان)، وإحالة المشروع عام 1995 للنقاش، إلا أن كل هذه المشاريع لم تحقق هدفاً واحداً من أهدافها.
لعلي أذكّرك سيدتي أن انعقاد مؤتمركم هذا الأسبوع في المنامة يأتي بناء على قرار مجلس جامعة الدول العربية في العاشر من آذار (مارس) 2012. لعلي أذكّرك أيضاً بأن القمم العربية أصدرت أكثر من ستة آلاف قرار تحمل في طياتها كثيراً من أدبيات ''سوف'' و''سنعمل'' و''نخطط'' وغيرها من الصيغ الإنشائية البليغة المعهودة.
كان الله بعونِك.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي