تقييم مشكلة النقل الداخلي

تميز عهد خادم الحرمين الشريفين - سلمه الله - بتزامنه مع الطفرة الثانية التي مكنت المملكة من عوائد مالية ضخمة بسبب الارتفاع في أسعار النفط والطلب العالمي عليه. كانت نظرة الملك عبد الله استراتيجية بتوزيع ركائز التنمية على المناطق تناسبا مع كثافتها السكانية وفك التركيز على مدينتين أو ثلاث فقط كما حدث في الماضي، فتم اعتماد مشاريع كبيرة تقليدية وغير تقليدية في مناطق كانت متأخرة أكثر من غيرها كمنطقة جازان. ورغم توافر الموارد المادية والبشرية المؤهلة، إلا أن هذه الطفرة عانت – أكثر من سابقتها الطفرة الأولى – تعثر وتأخر إنجاز نسبة معتبرة من مشاريعها الكبرى كالمدارس والمستشفيات والمطارات وسكك الحديد. ونظرا لكبر مساحة المملكة وتباعد مدنها، بقي النقل الجوي الداخلي متأخرا في هذه الطفرة في غياب وسائل مواصلات أكثر فاعلية عملية واقتصادية كالقطارات السريعة. تقييم مشكلة النقل الجوي الداخلي تعكسها إحصائيات أعداد المسافرين في مطارات المملكة في السنوات العشر الأخيرة ابتداء من عام 2005 حتى عام 2011. ورغم مرور ربع السنة الحالية، إلا أن أرقام 2012 لا تزال غير منشورة في موقع الهيئة العامة للطيران المدني. التحليل الأولي يبين حقائق أساسية تمثلت في الارتفاع الحاد، حيث سجل مطار جدة 23 مليون مسافر في عام 2011 مقارنة بـ13 مليونا عام 2005، أي بزيادة 75 في المائة تقريبا، وسجل مطار الرياض نموا بنسبة 50 في المائة، أما مطار المدينة المنورة فقد تضاعف عدد المسافرين، في دلالة واضحة على تأثير تحول المطار إلى دولي وتهافت الناقلات الجوية من دول العالم الإسلامي عليه. مقارنة التغير في حركة المطارات الدولية في المطارات الداخلية تكشف مجموعة من أوجه الخلل في هذه الصناعة، وأهمها سوء توزيع الرحلات الداخلية من قبل ''الخطوط السعودية'' التي تتلقى الدعم من الدولة لهذه السوق بالذات. هناك مطارات داخلية مثل القصيم سجلت نسبة نمو 60 في المائة، بينما نسبة مطار أبها 17 في المائة فقط، وهي بالطبع متدنية ليس بسبب الطلب نفسه إنما بسبب عدم زيادة الرحلات بما يتوافق مع تلبية الطلب. مطار جازان وهو أول المطارات الداخلية في عدد الركاب سجل نموا بـــ13 في المائة بينما سجل مطار القريات 6 في المائة فقط. المطارات البعيدة الأكثر حاجة إلى النقل الجوي مثل جازان والقريات وطريف وعرعر، تكشف نسب النمو المتواضعة لديها حجم مشكلة التكبيل التي تعانيها بسبب سوء إدارة ''الخطوط السعودية'' لشبكتها الداخلية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي