المعارض والمؤتمرات .. أموالنا خارج الحدود!
جَرِّب أن تزور معرضاً أو أن تسجل في أحد مؤتمرات الدول المجاورة، ستكون المفاجأة أن كثيرا من العارضين من السعودية، والمفاجأة الأكبر أن أكثر الحضور والمشاركين من السعودية!
هذا ليس سراً، فهو أمر معلوم عند كل من شارك في أحد معارض دبي، أو حضر أحد المؤتمرات في الدوحة.
لقد صُنفت المملكة في المرتبة 129 من حيث عدد المعارض التي تتم فيها، هذا الترتيب من بين 139 دولة، كما حلت المملكة في المرتبة الثامنة عربياً من حيث رغبة منظمي المعارض في إقامة المعارض فيها، حيث سبقتها الإمارات، عمان، الأردن، البحرين، مصر، لبنان، وقطر، ولم يلِها إلا الكويت!
لماذا؟ لن أجيب وسأترك الإجابة للمسؤولين في قطاع المعارض الذي يتنازع مسؤوليته وصلاحياته كل من وزارة التجارة ووزارة الداخلية ومجلس الغرف والغرف التجارية والإمارات، وهيئة السياحة أخيرا!
قد يتساءل البعض: ما فوائد المعارض والمؤتمرات؟
المؤتمرات والمعارض ليست بهرجة أو استعراضا أو منافسة، إنما هي صناعة يرتبط بها الكثير من القطاعات والخدمات، وفيما يلي أهم الفوائد التي من الممكن أن نجنيها من هذا القطاع:
- تشجيع سياحة المعارض والمؤتمرات ومعنى ذلك، رحلات طيران أكثر، استثمار خدمات الطيران، تشغيل الفنادق، ووسائل النقل، وشركات خدمات المعارض، والشراء المحلي بجميع قطاعاته، وبالتالي منافع اقتصادية ضخمة للغاية تصب في مصلحة الاقتصاد الوطني والمكون المحلي.
- إضافة مهمة في مجال التوطين للوظائف الدائمة وأكثر منها الوظائف المؤقتة والموسمية، وبالتالي فهي تمثل مساهمة فاعلة في السعودة وتخفيف أعباء البطالة اقتصادياً واجتماعياً وأمنياً.
- توفير المبالغ التي تصرفها الشركات السعودية في المعارض الدولية الموجهة للسعوديين.
- توفير أوقات وأموال السعوديين الذين يضطرون للسفر لحضور معارض يمكن إقامتها محليا.
- المشاركة المحلية ستزداد فاعليتها وحضورها من قبل المؤسسات المحلية والمواطنين، ما يعزز الجوانب الاقتصادية والتخصصية المتنوعة، وفق تنوع هذه المعارض.
- التوعية الإقليمية والدولية بالجوانب الثقافية والحضارية والتاريخية والتراثية والاجتماعية في المملكة.
- تحسين الصورة الذهنية للمملكة، وانتشار اسمها في المحافل والمجتمعات المختلفة.
وأوضح مثال لذلك معرض الكتاب الذي يقام في مركز المعارض هذه الأيام، فهو يحقق هذه الأهداف جميعها، إضافة إلى هدف سام آخر هو تشجيع الثقافة والقراءة والمعرفة.
كما أن المملكة تتميز بميزة لا توجد في أي مكان آخر في العالم، وهي الدمج بين المعرض والمؤتمر مع العمرة والزيارة، وفي هذا مضاعفة للعوائد التي ذكرناها آنفاً، وستنتج عنها فوائد لا يمكن حصرها، خاصة للمعارض والمؤتمرات التي يمكن إقامتها في منطقة مكة المكرمة والمدينة المنورة.
في جميع الدول التي نمت فيها صناعة المعارض والمؤتمرات لم يكن لها أن تنمو دون الاهتمام والدعم الحكومي المباشر وغير المباشر، ولنا في الدول المجاورة خير مثال، وقد يكون الدعم مادياً على شكل إعانات أو تأجير مساحات، وقد يكون معنوياً كالرعايات الرسمية من المسؤولين ووجودهم الإعلامي، لكن الأهم أن يكون هذا الدعم لوجستياً خدماتياً لقطاع المعارض والمؤتمرات وهو الدعم الأكثر فائدة ونفعاً لهذه الصناعة.
من أهم جوانب التحسين الواجب تحفيزها لنجاح صناعة المعارض والمؤتمرات التي أراها جلية، وستحدث فارقاً لمصلحة صناعة المعارض والمؤتمرات في المملكة ما يلي:
1. التسهيل في منح التأشيرات للشركات المنظمة وللعارضين والراغبين في الحضور والمشاركين.
2. تسهيل الإجراءات الجمركية لدخول المنتجات والمواد ذات العلاقة بالمعارض في أوقات وجيزة وبإجراءات مبسطة.
3. تسهيل إجراءات إقامة المعارض والمؤتمرات والملتقيات والمنتديات، بحيث تتم إجازتها من خلال سياسات وإجراءات واضحة تتم في وقت وجيز ومن جهات يمكن الترتيب والتنسيق معها مبكراً وبسهولة ويسر.
4. تطوير قدرات وإمكانات الشركات المنظمة المحلية، وتأسيس تحالفات استراتيجية مع شركات أجنبية ذات خبرة وسمعة عالية.
حتى يتم تطوير هذه الصناعة المهمة اقتصادياً واجتماعياً ومعرفياً، فإني لا أجد تشبيهاً يليق بوضعنا سوى أننا ''نخلة بطاطها في حوض جيرانها''، والبطاط هنا ليس البطاطس، إنما هو نتاج النخلة وهو تمرها.