جمعية «أصدقاء حفر جدة»

لن أكتب عن الضنك في جدة، أو أطنان القمامة الملقاة في الطرقات، أو الكورنيش الجديد المشوّه، أو حتى الإفريقيات دافعات عربات الكراتين، أو الغربان، أو التخطيط العشوائي للشوارع والتقاطعات، أو زحام السيارات والاختناقات عند إشارات المرور والفوضى المرورية، فلديّ موضوع أكثر رأفة بأعصابكم في العطلة الأسبوعية.
وصلتني دعوة مغرية للانضمام إلى جمعية (أصدقاء حُفَر جدة). لن "أغثكم" بسرد حي على الهواء عن الأحياء والشوارع التي تحتفل معي بهذه المناسبة، فقد كتب عنها كثيرون قبلي، وسيتحدث عنها كثيرون بعدي.
حُفَر جدة غير. هناك حُفَر مضلعة الشكل زواياها محصورة في شكل هندسي بديع تقع غالباً في حي المحجر، وقد يكون مصممها مسؤولاً سابقاً موقوفاً عن العمل. أما الحُفَر مثلثة الشكل فهي تتكاثر في كيلو 10 طريق مكة القديم، وهي ثنائية الأبعاد مكونة من ثلاثة رؤوس تضمن استهلاكاً سريعاً لإطارات السيارات المارة، وتصل بينها ثلاثة أضلاع حادة وظيفتها الأساسية إرسالك إلى أقرب محطة "بنشر".
الحُفَر مستطيلة الشكل زواياها الأربعة بارزة، أضلاعها متوازية، ولها شهرة مرموقة في حي الرويس، وتتكون بعد هطول أمطار لا تتجاوز فترة عشر دقائق. مصمم هذه الحُفَر غالباً رجل أعمال أو رئيس نادٍ رياضي مشهور.
الحُفَر العميقة تشكلت بفعل مقاول مهندس (شبه منحرف) وتشتهر بجوانبها الممتلئة بما تجود به ميزانيات الطرق المهدورة. الحُفَر العميقة لها سمعتها في حي المظلوم وقد تكون من إنتاج وإخراج مسؤول متقاعد كان يعمل في وظيفة حكومية مرموقة.
أما منطقة بني مالك وحي بترومين وأبحر الجنوبية، فهي تشتهر بالحُفَر الدائرية الملتوية وتقع على بُعد ثابت من نقطة ثابتة تسمى مركز الدائرة والمتمثل في أي شارع أو حارة في هذا الحي الكبير.
الأمر لا يدعو للقلق، عوضاً عن إيقاف الجهات الخدمية لحفرياتها المتكرّرة في أعمال الصرف الصحي والمياه والهاتف والكهرباء، أقترح عقد دورات تدريبية لسائقي السيارات في جدة بعنوان "توقع مفاجآت الحُفَر من حيث لا تعلم". تفادي الحُفَر سهل جداً وهو الالتصاق بجانب السيارات المجاورة أو السير في الاتجاه المعاكس والتصادم مع المركبات الأخرى. على الأقل هذا يضمن زيادة إنتاجية ورش الإصلاح.
شوارع جدة أصبحت كالكلمات المتقاطعة، الفرق الوحيد هو أنك لن تستطيع إكمال الكلمة أفقياً، عمودياً أو حتى منطقياً. كل هذا بسبب عمليات ردم الحفريات يعقبها فتح أخرى، وهكذا في دورات "تصحيحية" متتالية.
هذه فرصة لتوجيه التحية والتقدير لمجموعة من شباب جدة أطلقوا حملة تحت اسم "حُفَرنا" لنشر الوعي عن الحفر المنتشرة في شوارع جدة والتي لم يقم أي من المسؤولين بمبادرة جادة لحلها.
إدارة مرور جدة أيضاً لهم التحية والتقدير لقيامهم بالتنسيق وبشكل يومي ومباشر مع مسؤولي الأمانة في تحديد مواقع الحُفَر والتشققات والهبوطات الأرضية بطرق وشوارع جدة.
ولهيئة السياحة أقترح إضافة مواقع الحُفَر التي أصبحت جزءاً مهماً من حياتنا اليومية في خريطة جدة السياحية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي