الوعي الأسري ومخاطر المدن الترفيهية

تختلف الألعاب الترفيهية من حيث الأشكال والأنواع والأداء والمصدر، ويميل كثير من الأطفال والكبار أيضا إلى ارتياد الأماكن التي تحوي الصالات المختلفة من تلك الألعاب، حيث تمثل تلك الألعاب الترفيه والمتعة للكثيرين، وعلى الرغم من أن تلك الألعاب تدخل تحت مسمى الترفيه إلا أن بعض الأسر يسيئون التعامل مع أطفالهم في دفع أبنائهم إلى اللعب بألعاب قد تكون فوق طاقتهم النفسية والجسدية. ففي أحد المواقف التي رأيتها قبل فترة لأحد الأسر عندما قامت الأم بوضع طفلها ذي السنوات الثلاث في إحدى الألعاب التي يفوق ارتفاعها ثلاثة أمتار تقريبا، وتدور تلك اللعبة بسرعة فائقة ربما تفوق سرعتها النظر في تمييز وجه الراكب على المقعد، وبعد أن انتهت اللعبة وجد الطفل على المقعد وقد ازرق وجهه وبعد ثوان أصيب بالإغماء، وكان المنظر محزنا جدا عندما أخذت الأم تصرخ كي يفيق الطفل ويعود لوعيه، وليس هذا هو الموقف الوحيد، بل هناك مواقف متعددة تحدث لأسر يجبرون أبناءهم أولئك المصابين بحالات شديدة من التخلف العقلي أو المصابين بجزء غير بسيط من المرض العقلي، وتلك المواقف تتكرر بالفعل في داخل المدن الترفيهية على الرغم من التحذيرات التي توضع مكتوبة أمام مدخل كل لعبة من أجل تحذير الآباء من خطورة اللعبة، إلا أن البعض لا يبالي بها، وهذا يعني أن هناك ضوابط لا بد أن تتبع قبل السماح للطفل بركوب تلك اللعبة من حيث السن والإصابة النفسية والعقلية أيضا بعض الأمراض كأمراض الضغط والقلب، ولكن يجازف البعض في اختيار اللعبة على الرغم من وجود البدائل الأقل خطرا، وهذا يشير إلى أهمية توعية الأسر تجاه التعامل مع تلك الألعاب حتى لو كان الطفل سليما من الجانب النفسي والصحي، وهو يرفض ركوب لعبة معينة فإنه لا بد من الاستجابة لذلك الرفض وتقدير وضعه النفسي وعدم تحويل تلك الألعاب في نظر الطفل من مواقع للمتعة إلى إشارات تولد في المستقبل أنواعا مختلفة من الرهاب ـــ Phobia ـــ قد لا نعرف مصادرها عندما يكبر الطفل، فكم وكم من منظر لطفل يركب اللعبة مجبرا يبكي وأمه تضحك وتلتقط له الصور، وقد تكون تلك اللعبة خطيرة على مثل عمره من الأصل، وهذا يعني أن الألعاب الترفيهية ليست بالضرورة أن تحمل الترفيه إذا أساءت الأسرة استخدامها، وترى أيضا بعض الأطفال يقفون في ألعاب من المفترض أن يجلس فيها الطفل ويربط الحزام، لكن الأسرة تقابل ذلك بالضحك وكأنهم يعززون لدى طفلهم المغامرة السلبية هذا من جانب الأسرة، أما من جانب أصحاب المدن الترفيهية نفسها ومسؤولياتهم تجاه تلك الألعاب، فنحن في حاجة فعلا إلى ذلك القرار الذي أصدره الأمير خالد بن بندر بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض بإيقاف جميع الألعاب التي تنتجها الشركة المصنعة للعبة التي سقط منها الأطفال في أحد الأسواق التجارية في الرياض، وما تضمنه القرار من القيام بصيانة دورية أسبوعية وإعداد تقارير فنية عن كل لعبة مستخدمة وتكليف اللجان الفنية الرسمية بمتابعة مهامها ومسؤولياتها في زيارة تلك الأماكن، وذلك بالقيام بزيارات مفاجئة، ورفع تقارير فنية دورية، واتخاذ الإجراءات اللازمة فوراً بإيقاف أي لعبة لا تتوافر فيها شروط السلامة المطلوبة والرفع للإمارة بأي تجاوزات أو مخالفات قد تحدث، وإحالة جميع الحقوق الخاصة للمحكمة المختصة للنظر فيها شرعاً. إن مثل هذا القرار هو أمر مطمئن جدا، وحاسم لبعض الأوضاع السلبية داخل المدن الترفيهية، حيث تنعدم الصيانة الدورية لدى بعض مدن الألعاب، فتنظر إلى الألعاب لتجدها سيئة ورديئة، ومع ذلك لا تزال تعمل ولا يزال يركبها الأطفال، الأمر في غاية الأهمية ونقف وقفة تقدير لهذا القرار الصائب.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي